افتتاح آخر برلمان ملكى عام 1950والنحاس باشا يلقى خطبة العرش |
كانت أول إرهاصة لقيام حياة نيابة في مصر عام 1829 م في عهد محمد علي باشا، باني مصر الحديثة، عندما أنشأ مجلساً للمشورة يتكون من كبار التجار و الأعيان و العمد و المشايخ و العلماء. و كانت وظيفته الأساسية إبداء الرأي في المسائل الإدارية العامة دون أن يلتزم محمد علي باشا بتنفيذها، فكان رأي المجلس إستشاري.
وعلي الرغم من وظيفة المجلس الاستشارية، فإن محمد علي يرجع إليه الفضل في ابتداع هذا المجلس و الذي بدأ يتطور في وظائفه و صلاحياته حتي أصبح يضاهي المجالس النيابية في أوروبا.
و لكن بعد إنقضاء حكم محمد علي بوفاته، تعطل هذا المجلس، لأن عباس و سعيد لم يكونا متحمسين له كما كان محمد علي.
و جاء عهد الخديو اسماعيل، و حقق فيه البرلمان المصري طفرة كبيرة بقيام مجلس شوري النواب في ديسمبر من عام 1866 م و يتكون من 75 نائب ينتخبهم الشعب من طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية كل ثلاث سنوات. و تشير الكثير من الدراسات التاريخية أن إسماعيل كانت لدية رغبة حقيقية في إشراك الشعب ممثلاً في طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية في إبداء الأراء في المسائل التي تتعلق بتسيير شئون الحكومة المصرية.
كان رأي هذه المجلس إستشارياً أيضاً و ليس إلزامياً. و لكن هذا المجلس واكب ظهور الرأي العام المصري الذي تشكل مع ظهور الصحافة المصرية و الحركة التحررية ضد التدخل الأجنبي الذي كان في ازدياد في نهاية حكم الخديو اسماعيل.
و لعب مجلس شوري النواب دوراً مناهضاً للتدخل الأجنبي في شئون البلاد أثناء أزمة الديون الخارجية، و أصر المجلس علي أحقيته في مناقشة ميزانية الحكومة التي كان يتولاها في ذلك الوقت وزير مالية إنجليزي، و هو الذي جاء ليتولي وزارة مالية مصر نتيجة الضغط علي الخديو من قبل الباب العالي و الدائنين الأجانب.
و بعد خلع الخديو اسماعيل و نفيه من مصر عام 1879 م، تولي ابنه توفيق الخديوية، و استمر مجلس النواب في عهده يحاول أن ينتزع لنفسه حقوق تشريعية تجعله طرفاً في الموافقة علي أي قوانين أو تشريعات جديدة، و هي الحقوق التي حصل عليها بالفعل مناصفة مع الخديو، بالإضافة إلي حق إقرار الضرائب و المسائل المالية بعد مناقشتها و التصويت عليها. فكان ذلك يبشر بقيام حياة نيابية نشطة في مصر، و من ثم قيام نظام ديموقراطي يكون الأول من نوعه في المنطقة.
وعندما جاء الاحتلال البريطانى لمصر قضى على هذا الحلم الوليد ، ثم جاء دستور 1923 م الذي تمخض عنه أول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة الحكومة و سحب الثقة منها، و لا تستطيع الحكومة أو الملك سن أي قوانين أو تشريعات جديدة قبل عرضها علي المجلس و التصويت عليها إما بالرفض أو القبول.
ظل دستور 1923 م هو الدستور السائد في البلاد حتي قامت الثورة في يوليو 1952 م. و بقيام الثورة أنقضت فترة خصبة من الليبرالية المصرية بما لها و ما عليها، و بدأت فترة جديدة مختلفة عنها في نواح عديدة .
للمزيد :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق