إذا تخيلنا الانسان مثل المنشور الزجاجي الذي يستقبل الضوء الأبيض ويحلله لألوان الطيف. كل شخصية من الشخصيات الست عشر ترى العالم من حولها وتستقبل الضوء الأبيض (كما في الصورة بالأسفل) ولكن كل منها تمتلك منشور زجاجي ذا تركيب مختلف يجعلها تحلل الضوء الأبيض لألوان مختلفة عما يراه غيرها.
في الحياة الواقعية قد يكون هذا الضوء الأبيض عبارة عن أي حدث يومي يحدث في الحياة العادية الكل يستقبل نفس الضوء الأبيض إلا أن كل شخصية تحلل الضوء (أو الموقف) بطريقة مختلفة لتخرج بألوان مغايرة حسب وظائفها النفسية وترتيبها وهذا هو ما يجعل شخصية ترى الحياة وتتفاعل معها بطريقة قد لا يفهمها إلا من يملك نفس تركيبة المنشور الزجاجي أو تركيبة مقاربه. و في المقابل قد يحدث تنافر بين بعض الشخصيات لأن كلا منها يرى العالم بطريقة مختلفة تماما ( مثلا الشخصية المنطقية لا تستطيع التعامل بسهوله مع الشخصية التي تعتمد على المشاعر والعكس صحيح). هذا الإختلاف بين البشر طبيعي جدا وهو احد اسباب تنوع الحياة وجمالها.
نظرية كارل يونغ عن الوظائف النفسية تقدم لك الأدوات اللازمة لتحليل شخصيتك وكيف تنظر للحياة مما يساعدك على فهم دوافعك والأسباب التي تجعلك تتصرف بطريقة معينة. هذا بحد ذاته شيء مهم جدا (اي التعرف على الذات) ولكن الميزة الأخرى انها تمكنك أيضا فهم الدوافع النفسية للآخرين وكيف يرون العالم من جهة نظرهم. لا أحد هنا افضل من احد، الكل يرى نفس الشيئ ولكن يختلف في تفسيره. إيمانك وفهمك لهذه الحقيقة يجعلك اكثر تسامحا وتفهما لوجهات نظر الآخرين ويعود بالفائدة العظيمة في تحسين مهاراة الاتصال لديك مع مختلف الناس عبر تفادي مناطق الإختلاف الصدامي بل وربما كسب ودهم و القدرة على إقناعهم.
شخصية العقل المدبر تمتلك -
مثلها مثل غيرها حسب نظرية كارل يونغ - اربع وظائف نفسية اساسية- وعن طريقها يرى العالم ويتفاعل معه. ولكن ترتيب هذه الوظائف وقوتها في شخصية العقل المدبر هي كالتالي:
1- الوظيفة السائدة والمسيطرة هي الحدس الداخلي (Ni)
. هذه الوظيفة تعمل بشكل مستمر ومتواصل عبر العقل اللاوعي،و لأن وظيفة الحدس (Ni) داخلية لذلك تصبغ شخصية العقل المدبر بالأنطوائية لأنه يفضل الهدوء والصمت على الحديث والتواصل الاجتماعي المستمر.
تهدف وظيفة الحدس الداخلي (Ni) لجمع المعلومات من شتى المصادر لكى تخلق وتبني نظاما متكاملا لمفهوم معين او حلا جديدا لمشكلة معقدة وعندما تصل لهدفها غالبا ما تكون في لحظة غير متوقعه و تسمى لحظة الكشف والتجلي. وهي الميزة الأكثر قوة لشخصية العقل المدبر ،و شخصية المستشار.
2-الوظيفة المساندة هي التفكير الخارجي (Te)
وبعد ان تتشكل الصورة وتتكامل في عقل شخصية العالم يأتي دور الوظيفة الثانية وهي وظيفة التفكير الخارجي (Te) وهي وظيفة منطقية منظمة مرتبة تأخذ المعطيات من الحدس الداخي وتحوله لخطوات عملية ملموسة. التفكير الخارجي (Te) هي وظيفة حيادية عادلة تقدم الحقائق على المشاعر و تحتاج بل تعتمد على الدليل الواضح ولا تلفت للآراء الشخصية الغير مدعومه بدليل او النابعة عن احاسيس ومشاعر مبهمه.
هذه الوظيفة هي أحد أهم مزايا شخصية العقل المدبر التي تمكنه من وضع استراتيجات وخطط كبرى محبوكة. عندما تعمل وظيفة الحدس الداخلي (Ni) مع وظيفة التفكير الخارجي (Te) يحدث التكامل وتخرج الأفكار لحيز التطبيق فالحدس الداخلي يصنع الأنماط والحلول على هيئة صور والتفكير الخارجى يحولها لخطط وخطوات عملية.
الوظيفة الثالثة هي المشاعر الداخلية (Fi)
وهي وظيفة غير متطورة لدى شخصية العقل المدبر خلال مراحل الحياة الأولى وحتى سن الثلاثين وهي معنية بالمشاعر والقيم الروحانية والإجتماعية وهذا قد ر يفسر البرود والمظهر القاسي لشخصية العقل المدبر لانها مدفونة تحت وظيفتين اخريين (الحدس الداخلي والتفكير الخارجي) وبالتالي لا تظهر الا في حالات نادرة مع اصدقاء قريبين جدا (اكثر شخصية تستطيع استخراجها من العقل المدبر هي شخصية البطل).
الوظيقة الدنيا أو الرابعة هي الحواس الخارجية (Se)
الوظيفة الرابعة وهي الأقل تطورا لدى شخصية العقل المدبر هي الحواس الخارجية (Se) والتي تهتم بالعالم المحسوس من حولنا (الأشياء والاصوات والملمس والطعم والراوئح) والتجارب الجديدة وغالبا ما تبدأ في الظهور في منتصف العمر او تحت الضغوط الشديدة لأنها تشكل مهربا لشخصية العقل المدبر لكي ينفس عن الضغوط التي لا يستطيع مواجهتها بوظائف الأولى و الثانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق