يمثل الاقتصاد الإبداعي اليوم القطاع الرئيسي والمهيمن في المهن والأعمال والتجارة والاقتصاد، وصار المقياس الأساسي للتقدم الاقتصادي، ويندرج في هذا المجال الملكية الفكرية، وحقوق النشر، والنماذج، والعلامات التجارية، والتصاميم، وبراءات الاختراع، والأعمال الفنية، والموسيقى، وبرامج الحاسوب، والتصوير الضوئي، والأفلام، والفيديو، والألعاب، والعمارة، والبحوث، والتطوير، وتصميم الملابس والمنتجات.
يقول جون هوكنز مؤلف كتاب اقتصاد الإبداع مخاطبا كل فرد للمشاركة في هذا الاقتصاد المهيمن اليوم: الإنسان كائن إبداعي، ويستطيع أن يجعل من إبداعه موردا ماليا بالإضافة إلى كونه أداة لتحسين حياته باستمرار، ومن القواعد والنصائح التي يقدمها:
طور نفسك، كن فريدا، وحافظ على أفكارك قانونيا، واستوعب مجال حقوق النشر وبراءات الاختراع، وقرر متى عليك أن تعمل بمفردك ومتى عليك أن تعمل في مجموعة، وتعلم إلى ما لا نهاية، اقتبس وأعد اختراع الأشياء واستخدامها، وتعلم متى يجب أن تتجاوز القواعد.
و لايعنى الإبداع الاختراعات والأفكار الكبرى ، كالعجلة والنار والكهرباء،... ولكن هناك الملايين من الأفكار الصغيرة والإبداعية التي غيرت إيجابيا في حياة الناس وأفكار، وهي ما يجب أن نبحث عنه ونفكر فيه باستمرار.
وقد بلغت القيمة المالية العالمية لاقتصاد الإبداع عام 2005 حوالي 3 تريليون دولار، وهي تنمو بمعدل 6% سنويا، وتستثمر الشركات الأميركية نحو تريليون دولار سنويا في المنتجات الثقافية غير الملموسة، وهو يساوي الاستثمار السنوي في الزراعة والميكنة، وقد أسهمت الصناعات الأميركية المعتمدة على حقوق النشر في الاقتصاد الأميركي أكثر من الصناعات الثقيلة .
ويأتي بعد الولايات المتحدة في الاقتصاد الإبداعي اليابان التي تنفق إنفاقا عاليا في البحث والتطوير، وتستهلك بقدر عال من الصحف والتسلية الإلكترونية والكتب والسينما، ويعمل في أوروبا في مجال الاقتصاد الإبداعي أكثر من 6 ملايين شخص، وفي الوقت الذي تتضاءل فيه فرص العمل في القطاعات المختلفة فإنها في الاقتصاد الإبداعي تتزايد، وعلى نحو غير مباشر فإن العمل في الاقتصاد الإبداعي يحقق متوالية هائلة من النتائج والتحولات، فيدفع العاملين فيه إلى مواصلة التعليم والعمل المستقل الذي يطور الاقتصاد ويقلل التكلفة ويزيد التشغيل.
وتزدهر اليوم الأعمال اليدوية في سوق الفن وفي السياحة والترفيه، وتبلغ قيمة هذا السوق في الصين 15 مليار دولار، وتنمو سوق الفنون على نحو غير مسبوق، وتشتمل أسواق الفنانين المحترفين الكبار على حوالي 12 مليار دولار، وتبلغ قيمة اقتصاد التصميم 140 مليار دولار، ويساوي الاقتصاد العالمي في مجال البرمجيات 600 مليار دولار، ويساوي اقتصاد تصميم الأزياء 60 مليار دولار، وتنتج صناعة الأفلام نحو 3000 فيلم في العام، تصل قيمتها إلى أكثر من 80 مليار دولار، ويحقق قطاع الموسيقى في العالم أيضا 80 مليار دولار سنويا، وتبلغ قيمة الاقتصاد في المسرح 50 مليار دولار، وتبلغ قيمة السوق العالمية للكتب والمجلات والصحف 126 مليار دولار.
وفى هذا الفيديو يتحدث ريتشارد فلوريدا - البروفيسو بجامعة تورنتو وجامعة نيويورك وكبير محررى مجلة أتلانتك بالولايات المتحدة الأمريكية - عن الاقتصاد الإبداعى ودوره فى تحقيق التنمية المستدامة ، ودور الحكومات فى التحول فى باتجاه الاقتصاد المعرفى القائم على الإبتكار، وفى خلق بنية أساسية إبداعية ، فالأزمة المالية العالمية أسفرت عن هذا التحول بهذا الاتجاه مشيرا إلى أنه توصل من خلال أبحاثه إلى أن فترات الأزمات لا تقتصر فقط على كونها فترات لتسجيل التراجعات وإنما تعد أيضا فترات ثرية بالفرص والاحتمالات الجديدة. والأهم من ذلك انها تسمح بإحداث تغييرات اقتصادية عظيمة.
نتمنى أن تستفيد مصر فى هذه المرحلة الجديدة من هذه التجربة الرائعة فى حل مشكلتنا الاقتصادية ، وأن نستفيد من الإمكانات والفرص الجديدة التى يتيحها الاقتصاد الإبداعى فى تطوير وتحفيز الاقتصاد وتقليل التكلفة وزيادة معدلات النمو وحل مشكلة البطالة .
للمزيد:
تقرير اليونسكو حول توسيع مسارات التنمية المحلية و الذى يركز على الاقتصاد الإبداعي على المستوى المحلي في البلدان النامية :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق