يتحدث الباحث وخبير التعليم الفنلندى باسي سهلبرج Pasi Sahlberg فى هذا الفيديو عن الدروس المستفادة من تجربة فنلندا فى تطوير التعليم ، وهذا الحديث هو جزء من محاضرة فى سلسلة أبحاث مكتب (PRO) ، وهي عبارة عن عروض غير رسمية وتضم ابتكارات الأبحاث في (PRO) أو مناطق أخرى في الجامعة.
ويذكر أن Pasi Sahlberg عمل مستشارا للكثير من الحكومات العربية مثل: حكومات الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والسلطة الفلسطينية
ويعمل الآن أستاذًا زائرًا في قسم الدراسات العليا بكلية التربية في جامعة هارفارد.
يقول Pasi Sahlberg إلى أن نظام التعليم في فنلندا يعتبر جزءًا من نظام أكبر اقتصاديًا واجتماعيًا. ولكن إذا نظرت للنظام التعليمي بشكل مستقل، فسألقي الضوء على ثلاث ركائز أساسية يقوم عليها النظام التعليمي ككل.
أولاً : أعادت فنلندا تنظيم النظام المدرسي في مراحله الأثني عشر؛ بحيث تقدم كافة المدارس نفس النظام التعليمي لكل الطلاب. فلا مجال لاختيار نوع التعليم، مثل التعليم الخاص أو بدائله. فكل المدارس تخضع للنظام العام وتتساوى في جودتها.
أما الركيزة الثانية فتكمن في تبني فنلندا لفلسفة فريدة عندما يتعلق الأمر بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة والذي يعتمد على التدخل في مراحل مبكرة ودعم الأطفال غير القادرين أو غير الراغبين في التعلم. ويتلقى 30 في المئة من طلاب المدارس الفنلندية تعليمًا لذوي الاحتياجات الخاصة، مما يشكل نسبة مرتفعة مقارنة بمعظم النظم التعليمية في العالم، ويشير إلى دقة وشمولية النظام الفنلندي عندما يتعلق الأمر بتحديد الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.
أما الركيزة الثالثة والأخيرة فهي المعلمون. يتلقى المدرسون في فنلندا تدريبًا مهنيًا؛ حيث يحصلون على تدريب بحثي متقدم، كما يحصلون على درجة ماجستير في التربية والتعليم. وبما أن المعلمين مدربون تدريبًا رفيع المستوى، يمكن للمدارس أن تُوكل الكثير من مهامها للمدرسين، حيث يصممون المناهج الدراسية الخاصة بهم. كما إنهم قادرون على تقييم تقدم الطلاب دون الحاجة إلى اللجوء للاختبارات عالية المخاطر. ويعد المعلمون أيضًا على اتصال وثيق بأولياء الأمور والمجتمع الأكبر للطلاب.
ويضع باسى سهلبرج رؤيته حول أهم الدروس التى يمكن للنظم التعليمية فى العالم العربى تعلمها وسياسات أو ملامح النموذج الفنلندى. مبينا رفضه لفكرة «نقل» التجربة وإنما الاستفادة منها فى الأمور المتعلقة بالمهنية والقيادة. فالقيادة فى المدرسة والقيادة فى التعليم بصفة عامة تعتبر فى غاية الأهمية، لأنه ببساطة فى غياب القيادة السليمة لن ينجح النظام.
بالإضافة إلى سياسات تهتم بالمساواة فى التعليم. فينبغى أن يكون هناك فهم شامل لأهمية المساواة ويجب أن يسأل خبراء التعليم وصانعو السياسات فى العالم العربى أنفسهم هذا السؤال؛ حيث يوجد هناك هوة ساحقة بين المدارس الجيدة والمدارس السيئة فى العالم العربى، مما يخلق تمييزا بين الطلاب ويؤكد أن تحقيق المساواة فى النتائج لم تكن ضمن أولويات صناع السياسات فى مجال التعليم. فلقد كان التركيز على جودة التعليم فى بعض المدارس بدلا من التركيز على خلق نظام تعليمى يتسم بالمساواة.
وتأتى التحديات التى تواجه نظم التعليم فى العالم العربى أحد محاور الحديث، حيث يرى الخبير باسى سهلبرج أن هناك تحديا ملحوظا فى دول مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر حيث تسبب النمو السريع للثروة فى خلق وضع شاذ، حيث يزداد عدد الشباب، وخاصة الذكور، المقتنعين بعدم جدوى التعليم وإمكانية النجاح دونه، مما يضر بمستقبل بلدانهم بمجرد توقف هذا السيل المتدفق من الثروات. وبشكل عام يرى سهلبرج أن أسلوب تنظيم التدريس والتعلم داخل الفصول الدراسية يعتبر من المجالات التى تحتاج إلى الكثير من العمل. حيث تعتمد الفصول الدراسية بشكل أساسى على المعلمين مع عدم التركيز على مشاركة الطلاب وتطبيق وسائل التعليم الفعال.علاوة على انتشار ثقافة الامتحانات والاعتماد بشكل حصرى عليها .
وفى هذا الإطار يطرح تجربته فى فلسطين حيث رأى مقاومة للتغيير الذى تحمله أفكاره، فقد تطلب الأمر حوالى عامين حتى يتفهم المعلمون التغيير ويدركون فوائد تطبيق المنهج الذى يركز على مشاركة الطلاب فى فصولهم الدراسية. وهو ما قد حدث فقد تغيرت أفكار المدرسين وشعروا بقدرتهم على الوثوق فى الطلاب وفى قدراتهم على التفكير والإبداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق