شرعت تايوان الصغيرة التي لا يزيد مساحتها على 360 ألف كيلومتر مربع ولا يزيد سكانها على 22 مليون نسمة منذ عدة سنوات في ما يمكن وصفه بمشروع رائد لنشر التعليم وتوفيره للجميع من دون اشتراطات معينة أو مسبقة تتعلق بالسن أو بالمستويين الأكاديمي والوظيفي، وذلك ليس فقط من منطلق أن التعليم حق أساسي مقدس للجميع ووسيلة من وسائل الاستنارة والإبداع وتنشيط الذهن والتواصل الإنساني ، وإنما أيضًا من منطلق أن إزالة العقبات التقليدية وغير التقليدية أمام الساعين إلى رفع مستوياتهم الأكاديمية أو الباحثين عن مجالات عمل جديدة أو الراغبين في تحديث معلوماتهم في مجالات تخصصهم ، أو الذين تحول بعض العوامل المجتمعية أو البيروقراطية أحيانًا دون مواصلة تعليمهم .
وقد ركزت برامجها على تلبية رغبات قطاعات كبيرة من الرجال والنساء والشباب وكبار السن والمتعلمين وغير المتعلمين ، والعاطلين وغير العاطلين لأنه لا يلزمهم بأوقات دراسة معينة أو صفوف دراسية محددة، ولا يجبرهم على تعلم مواد بعينها، تاركًا لهم مطلق الحرية في اختيار المكان والزمان والمواد التي قد تتفاوت ما بين تعلم اللغات الحية أو وسائل المحافظة على البيئة أو رياضة اليوغا.
حيث عددها اليوم يتجاوز 87 فرعًا منتشرًا في كل إقليم في البلاد ويتولى إدارتها مؤسسات لا تسعى إلى الربحية. علمًا بأن أولها افتتح في عام 1998 وبعدد من الطلاب والطالبات لا يتجاوز الثلاثة آلاف. هذا العدد الذي ارتفع في 2008 إلى 210 آلاف طالب وطالبة، على الرغم من أن الكليات الجامعية التي يدرسون بها لا تمنحهم أية شهادات. وهذا أمر يجدر بنا التوقف أمامه لأنه في حد ذاته دليل على وجود نهم شديد لدى التايوانيين للمعرفة من أجل المعرفة.
الجامعة الوطنية المفتوحة كمثال
وتعتبر الجامعة الوطنية المفتوحة في مدينة "لوجهو" الواقعة ضمن مقاطعة تايبيه نموذجًا لنجاح مشروع "التعلم مدى الحياة" فهو يقدم برامج تعليمية مرنة من ناحيتي المكان والزمان، كما أنها توفر تلقي الكورسات المقررة من خلال الراديو والتلفزيون والإنترنت. وربما بسبب هذه الميزات مجتمعة وصل عدد طلبتها في العام الدراسي 2007 – 2008 إلى 16300 طالب وطالبة.
جامعة كاوسيونغ كمثال آخر.
الجامعة الأخرى التي يجب التنويه بها في هذا السياق هي جامعة "كاوسيونغ" المفتوحة في جنوب تايوان التي بلغ عدد طلبتها في العام الدراسي المشار إليه سابقًا نحو 15500 طالب وطالبة، لكنها رغم هذا العدد الهائل من الملتحقين بها، ورغم تفاوت أعمارهم ما بين 25 و64 عامًا، وبالتالي اختلاف مطالبهم وظروفهم، استطاعت أن توفر للجميع فرصًا تعليمية ممتازة وفق أرقى النظم وأحدثها بشهادة اليابانيين.
للمزيد:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق