الأحد، 21 ديسمبر 2014

من كل تجربة #حكمة #وعبرة


كل حالة أو تجربة تصيبك.... فيها حكمة وعبرة من نصيبك... 
عندما كان الشيخ حسان البصري على فراش الموت... سأله أحدهم: من كان معلمك؟؟
أجاب: كنتُ تلميذاً لآلاف المعلمين.. ولو أردت أن أذكر أسماءهم لاحتجت من الوقت عدة شهور.... لكنني سأخبرك عن ثلاث معلمين مهمين في حياتي: 

الأول كان لصاً.. مرةً ضعتُ في الصحراء... وعندما وصلتُ إلى أول قرية كان الوقت متأخراً جداً... جميع البيوت كانت مغلقة ولم يستقبلني أحد... حتى رأيت رجلاً يحاول أن يثقب جدار أحد البيوت... سألته أين يمكنني أن أنام الليلة فأجابني: في هذه الوقت المتأخر الأمر صعب عليك.. لكن بإمكانك أن تأتي معي إذا قبلتَ أن تقيم مع لص. 
وكان الرجل وسيماً جميل الثياب وبقيتُ عنده لشهر! وكان كل ليلة يقول لي: أنا الآن ذاهب إلى العمل.. أما أنت فبإمكانك أن ترتاح وتصلّي... وعندما يعود كنت أسأله: هل استطعت أن تحصل على شيء؟ فيجيب: الليلة لا.. لكن غداً سأحاول مرة أخرى وسأوفق بإذن الله!... لم يصبه الإحباط أبداً وكان سعيداً مبتهجاً على الدوام... 
عندما كنت أصلي وأتأمل لسنين عديدة ولم يكن يحدث أي شيء... كنتُ كثيراً ما أُصاب بالإحباط الشديد وفقدان الأمل لدرجة أن أفكر بالتوقف عن كل هذه الأعمال التافهة.. لكنني فجأة كنت أتذكر ذلك اللص الذي كان يقول كل ليلة: 
غداًَ سأحصل على شيء إن شاء الله!.... 

ومعلمي الثاني كان كلباً... كنت ذاهباً إلى النهر لأروي عطشي.. وكان هناك أيضاً كلب عطش.. نظر الكلب إلى الماء فرأى كلباً آخر، أي انعكاس صورته في الماء، فأصابه الخوف... كان بإمكانه أن ينبح ويهرب، لكن عطشه كان شديداً فقرر أن يعود لاحقاً... وهكذا أتى وذهب عدة مرات... وفي النهاية من شدة عطشه قفز في ماء النهر.. فاختفت صورة الكلب المخيفة.... وعرفتُ حينها أن الله أرسل إلي علامة من خلال هذا الكلب، وهي أن على المرء أن يقفز رغم كل المخاوف... وإنْ خفتُم من شيء فادخلوا فيه.... 

معلمي الثالث كان ولداً صغيراً... كنت ماراً في قرية ورأيت ولداً يحمل شمعة مشتعلة... كان ذاهباً ليضعها في المسجد... 
سألته مازحاً: هل أشعلتَ الشمعة بنفسك؟ فأجاب: نعم يا سيدي... وسألته: في لحظة ما كانت الشمعة مطفأة، وفي لحظة أخرى أصبحت مشتعلة مضيئة.. هل يمكنك أن تريني مصدر النور؟؟ 
ضحك الولد الصغير وأطفأ الشمعة... وقال: الآن لقد رأيتَ النور وهو ينطفئ... هل يمكنك أن تقول لي أين ذهب النور؟؟؟ 
بكلمته هذه انكسر كل ما عندي من كبرياء وغرور... كل الخبرات والعلوم التي جمعتها أصبحت تافهة دون أي قيمة.. وأحسستُ بغبائي منذ تلك اللحظة وعرفتُ أنني لا أعرف مهما كان عندي من المعارف.... 

فلنتعلّم معاً أن العلم يعمي والجهالة تعمي وكلاهما بلاء... لنتعلم معاً من قصص الكبار والصغار... 
صحيح أنه ليس لدي أي معلم خاص.. لكن هذا لا يعني أنني لم أكن تلميذاً.... لقد قبلتُ الكون بكامله كمعلم لي. 
وكان العلم الذي أخذته أكبر بكثير من العلم الذي تأخذونه مني الآن، لأنني وثقتُ بالأشجار والغيوم.... بالكون والنجوم... ولم يكن لدي أي معلم لأنه كان لدي ملايين المعلمين... وتعلمتُ من كل التجارب التي مرّت بي... 
من الضروري جداً أن تكون تلميذاً أو مريداً... لكن ما معنى المُريد؟؟ 

معناه أن تكون قادراً على التعلم... أن تكون مستعداً مستحقاً ليهطل عليك علم الله ونوره... أن تكون عارفاً بجهلك مهما كنتَ تعرف... أن تتذكر أنك طالب علم مهما كان معك من شهادات وحروف الألف والدال.... 
ومع المعلم، تبدأ بتعلم كيف تتعلم.......... وهكذا ببطء تتناغم معه... بعدها تصل إلى لحظة تتناغم معها مع الكون والمكوّن بنفس الطريقة.... 
المعلم الحقيقي هو مجرد بركة ماء تستطيع فيها أن تتعلم السباحة.... وحالما تتعلمها... بإمكانك السباحة في جميع محيطات العالم وما وراء المعالم والعوالم والعلوم...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق