السبت، 29 نوفمبر 2014

كيف تعالجين مشكلة الكذب عند الطفل ؟


في هذا المقال نتحدث عن أنواع الكذب وكيف نزرع صفة الصدق داخل الأطفال.

أنواع الكذب 

إن للكذب أنواعاً مختلفة وهو يتنوع تبعاً لأسبابه، وأسبابه تهمك كثيراً لأن تحديدها سيساعدك على حل المشاكل جذرياً وليس حل ظاهرها فقط.

إن أطفالنا معرّضون في هذه الحياة لظروف كثيرة ومستجدات متنوّعة تتحكّم في ردات أفعالهم، وبسبب بساطة خبرتهم في الحياة تكون أولى ردات فعلهم في كثير من الأحيان هي الكذب! 

علينا أن نتفهّم أطفالنا ونستوعب ما وراء سلوكهم لنستطيع تقويم سلوكهم الخاطئ المتجسّد في الكذب بأنواعه المختلفة:

الكذب التعويضي

وفيه يكذب الطفل للحصول على رضا والديه وإعجابهما به. ويكون ذلك بسبب "الحب المشروط" من قبل الوالدين٬ بمعنى أن يشعر الطفل أن والديه يحبانه لتفوقه دراسيا (مثلاً) فيلجأ إلى الكذب عند الحصول على درجة سيئة حتى يستمر حبهما له.

وهو أمر نقع فيه كثيراً، فنسمع عبارات مثل إذا حققت كذا سأحبك أكثر.

وهذا يترجمه الطفل بأن عليه أن يفعل هذا الشيء المطلوب منه حتى ينال الحب. وعليه فإنه قد يلجأ الطفل للكذب عند عدم تحقق الشرط الذي سيجعله والديه يحبانه. عليكِ كأم أن تقبلي طفلك وتحبيه كما هو. وأن تدعيه يعرف مقدار حبك له لأنه هو طفلك فقط ليس لأنه متفوق دراسياً.

الكذب لجذب الانتباه 

ويلجأ إليه نوعان من الأطفال: 

الطفل الأناني المدلل الذي يريد أن يظل موضع اهتمام والديه طوال الوقت فيكذب لجذب اهتمامهما حتى لو أغضبهما، فالمهم عنده أن ينال الاهتمام. 

والطفل الذي لا يحصل على الاهتمام الكافي من والديه لتفضيلهما أخاً آخر عليه. فيلجأ للكذب للفت الانتباه. حتى لو كان ذلك لفت انتباه سلبي. إنه يناضل ويستعد لفعل أي شيء ولو كان قبيحاً لجذب اهتمامك به، إن صوته الباطني يقول لك "أنا هنا٬ أريد اهتماماً".

ولا شك أن الطفل المدلل بحاجة إلى ضوابط جديدة لئلا يظل معتاداً على عطاء متدفق قد يضره يوماً من الأيام، وأن الطفل الذي لا يحصل على الاهتمام الكافي بسبب أخ أصغر أو أكبر أو بسبب ظرف آخر، بحاجة إلى أن تعطيه من اهتمامك قبل أن يلجأ إلى الكذب كوسيلة لطلب العناية.

الكذب الانتقامي 

وهذا النوع هو تطور ما بعد الكذب لجذب الانتباه٬ فإذا كَثُر الاهتمام بطفل دون آخر ومقارنته بأخيه الأفضل، يلجأ الطفل للكذب وإلقاء أخطائه على أخيه ليقع عليه العقاب. ولتجنّب هذا، عليك أن تتذكر ضرورة العدل والمساواة بين أبنائك.

الكذب الدفاعي

وهذا الكذب يشكل 70% من الكذب عند الأطفال وذلك لكي يتجنّوا العاقبة الوخيمة المحتملة عند عمل خطأ ما. إذ أن الآباء يريدان من أبنائهم أن يكونوا من أفضل الناس٬ ويضعون عقابات صارمة للغاية عند اقتراف الطفل أي خطأ ولو صغير. وهنا يقال لك أيها الوالد احترس، فأنت بهذه الطريقة قد تجعل ابنك يكذب ليتجنب العقاب. فهو يخاف من قول الحقيقة لئلا ينال عقابه من الضرب أو الحرمان أو العزل أو أي عقاب قاس.

الكذب الادعائي 

وهذا النوع يظهر على الأغلب في سن المراهقة، فيدعي الطفل امتلاك ما ليس عنده أمام أصدقاؤه. وهذا الكذب يكون نتيجة الشعور بالنقص والحرمان فيبالغ بما يمتلك رغبة منه في مجاراة اصدقاؤه.

وقد يكون الكذب الادعائي لاستدرار العطف كأن يدعي الطفل المرض لينال عطف والديه٬ أو يكذب لتجنب مواجهه ما يكره فيدعي المرض مثلا حتى لا يذهب إلى المدرسة.

الكذب الغرضي

وهو الكذب للحصول على شيء يعرف أنه لن يحصل عليه إلا بالكذب٬ كأن يدعي أن المدرسة طلبت نقوداً لرحلة مدرسية وهو يرغب في شراء الحلوى أو لعبة يرفض الوالدين شراءها له. وسبب هذا الكذب هو الحرمان من أشياء كثيرة يرغب فيها أو فقدان الثقة في الوالدين.

كذب التقليد 

وهنا يرى الطفل والديه والناس من حوله في المجتمع والمدرسة يمارس الكذب فيبدأ بتقليدهم فيكذب بدون سبب وإنما لمجرد التقليد.

الكذب لمقاومة السلطة

ويلجأ إليه الطفل حين يعيش تحت سلطة قاسية ومتسلّطة، فأبواه يرسمان له طريقاً للدراسة والتعامل مع الحياة، وليس مسموحاً له أن يكون له أي خيارات ذاتية، لذلك فهو يطيعهما في الظاهر ويفعل ما يريد خلف ظهرهما ويملأ الفجوة بين الظاهر والباطن بأكاذيب يخترعها. 

فمثلا تسأله أمه عن درجة امتحان الشهر فيعطيها الشهادة وقد قام بتغيير الدرجات بقلمه حتى تقترب من الدرجات النهائية التي تريدها الأم. 

إن الأمر هنا يتطلب جهد الوالدين في ضبط أنفسهما وتحكماتهما بحيث لا يلغيان شخصية الطفل وخياراته الذاتية ويعطيانه فرصةً لكي يكون هو نفسه، ويتقبلان صعوباته وقدراته بشكل واقعي.
كيف نزرع قيمة الصدق في الطفل لنقيه مرض الكذب

الصدق بالقدوة 

عندما يبدأ الطفل بالتمييز بين ما هو صحيح وما هو غير صحيح٬ بين ما هو صدق وما هو كذب٬ يصبح أول ما يلاحظه هو والداه. هل رآك طفلك يوماً تقولين لأخيه: رد على الهاتف وقل إني غير موجودة؟ أو افتح الباب وقل إني نائمة؟ هل قلت لطفلك من قبل: إذا قمت بكذا سأكافئك بكذا ثم اتضح له فيما بعد أنك لم تفِ بوعدك له؟ 

هل خرجتما معاً وهو يظن أنه سيذهب للعب ثم اكتشف أنك خدعته وأخذته إلى الطبيب؟ هل قدّمت له ملعقة دواء وقلت له إنه لذيذ، ثم تفاجأ بأن الطعم كريه! إن مثل هذه الأفعال هي من الأخطاء التي قد نقع فيها جميعاً في تعاملنا مع أطفالنا.

وعندها يبدأ جهاز الاستقبال عند الطفل بملاحظة هذا الكذب -المبرر- الذي تمارسينه أنت فيترجمه طفلك على أنه سلوك مقبول.

تشجيع الصدق بالمكافأة 

حبّذا أن نسارع إلى مكافأة الطفل على صدقه فنشجّعه على قول الحقيقة كما نسرع إلى معاقبته عادةً. لم لا تعمل جدولاً للمكافأة على الصدق. فليكن هناك جدول جذاب أسبوعي يقوم الطفل بوضع علامات لنفسه على صدقه٬ ثم تتم مكافأته على صدقه.

القصص والمواقف 

إن جميع الأطفال تعشق القصص وتهوى الحكايات، ونجد أن الطفل ينتظر قصة ما قبل النوم التي يرويها أحد الوالدين بفارغ الصبر، إنها تشبعه عاطفياً وتشكل أفكاره لا إرادياً.

إنها فرصة مناسبة للغاية لغرس قيمة الصدق في نفس الطفل٬ سواء عن طريق قصة خيالية كراعي الغنم الكذاب أو عن طريق قصة حقيقية في التاريخ، وقد يكون مناسباً أن تحكي له مواقف مررت بها أنت شخصياً استفدت فيها من الصدق.

ولتكن قصصاً مشوقة مثيرة لخيال الطفل، اجعليه يشارك فيها ويتفاعل معها ويتوقع نهايتها. وبعد ذلك قد يتفاعل ويحكي لك هو قصة سمعها أو موقفاً مرّ به وكان الصدق سبب نجاته، أو قام بالكذب فيه لأنه لم يعرف كيف يتدبر أمره٬ لكن تذكر، إن هذه الجلسة تعتبر جلسة صراحة وتواصل فلا توقع عليه العقاب لأنه اعترف.
جو الحبّ والسلام يشعّ صدقاً 

كوني صديقة لطفلك منذ اللحظة الأولى وأعطيه الكثير من الحب٬ أشبع حاجته من الاهتمام والرعاية٬ ساوي بين أطفالك في المعاملة٬ لا تُقللي من قدر طفلك٬ ولا تقارن بين أطفالك

امدحي أفعال كل واحد منهم على حدة٬ إلعبي معهم٬ احكي لهم حكاياتك، واستمعي لحكاياتهم

إن هذا كله يقيهم من الوقوع في دوامة الكذب. لأن الكذب قد ينشأ نتيجة الإهمال وعدم الإشباع العاطفي. لا تجعلي دورك معه هو الأمر والنهي٬ وافعل ولا تفعل فقط٬ جربي مصادقة ابنك.

إنك -ومن خلال صداقتك لطفلك- تستطيعين أن تتحدّثي معه عن كثير من الأشياء٬ علّميه الصواب والخطأ٬ علّميه أن كل انسان يُخطئ٬ وبإمكاننا أن نسامحه٬ علّميه تصحيح الخطأ٬ علّميه أن الصدق يُنجيه دائماً

على كل أسرة أن يجتمع أفرادها (الأب والأم والأطفال) على الأقل 10 دقائق كل يوم ليتشاركوا أحداث اليوم

إن هذا كفيل بتنمية الحب والترابط والثقة فيما بينهم٬ وهو فرصة جيدة لتوجيه الطفل نحو القيم جميعها . 

المصدر (موقع سوبر ماما)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق