الخميس، 10 مايو 2012

دعوة للباحثين فى مجال التربية وعلم النفس إلى دراسة تطور الوعى الدينى لدى نجيب محفوظ Call for researchers in the field of education and psychology to study the evolution of the religious awareness of Naguib Mahfouz


  كلمات للأديب العالمي نجيب محفوظ


إن المتتبع للمراحل الفكرية التى مر بها أدب نجيب محفوظ ، يلاحظ  أنها تقابل المراحل الفكرية التى مر بها الفكر الصوفى . وقد أوجزها محفوظ فى إحدى أعماله على الترتيب : إيمان موروث، شك ، ألحاد ، عقلانية ،لاأدريه ، ثم إيمان! } يوم قتل الزعيم  . { 
 هذه المراحل تلخص رحلة نجيب محفوظ فى البحث عن الحقيقة ،والتى بدأت  بمرحلة الشك فى منتصف الأربعـينيات ، وتـشـف أعماله خـلال هـذه الفـتـرة عـن معـاناة ذاتية فـى بحـثه عـن الحـقيـقه باعـتبارها مطلبه الأول وماتعكسه مـن تـردد وحـيرة بين الشــك الميتافيزيقى والبحـث عـن اليقين ، أوالتردد بين التسـليم والـتسـاؤل العـقلانـى،ثم مالبثت أن ازدادت عمقا فى الستيتينات وماقبلها مع رواية أولاد حارتنا والتى شكلت منعرجا هاما فى المسـار الروائى المحلى من جهه ، والعربى والعالمى من جهه أخرى ، فقد أبرزت قدرة محفوظ على تعرية واقع إجتماعى معين بلغة رمزية مشفرة . وعلى الرغم من رفض الأزهر لها وحق له أن يرفضها، إلا أننا لايمكن فهم ماأثير حولها من جدل ، مالم توضع فى سـياقها الطبيعى من رحلته الإيمانية كما جسدها أبطال رواياته ،إذ حـاول بالـفعـل أن يصور رحـلة الإنسـان فى كل زمان ومكان مـن أجـل البحـث عـن الحـقيقة
 إن الدين فى معظم أعمال نجيب محفوظ  كان أكثر بكثير من مجرد محور، بل هو مشكلة أبطاله الدائـمة  فنظرة محفوظ إلى الدين وعلاقته بالله تعالى عبر مراحل حياته المختلفة يمكن أن نسـتشـفها من خلال شـخصيات رواياته ولاسيما التى تتقارب فى ملامحها مع شخصية محفوظ  وخاصة شخصية كمال عبد الجواد والذى تعرض لهـزة عقائدية مؤلمة نتيجة لأزمة حادة تزامنت مع دراسته للفلسفة ، وإنبهاره بالعلم الحديث ، وانتشار الأفكار الإلحادية التى صارت موضة الثلاثينيات . وهذا ما حدث له بالفعـل ، إلا أنه لم يفقد إيمانه بالخالق عز وجل فى أى مرحلة من مراحل حياته .
  فالعـقـيـدة مشكلة أبطال رواياته الدائمة ، ومحركهم الأساسى ، حـتى من لم تتسلط العـقيدة على فكره ، فإنه لايجد نفسه خارجا عن حقائقها مثل شـخصية حـسـنين فى (بداية ونهاية) ، لأن تسـليمه بالإيمان تسـليما وراثـيـا لاشـأن فيه للفـكر  ومنهم من تعـرض لهـزة عـقائدية فى بـداية حياته مثل شخصية كمال فـى (الثلاثية) نتيجة لأزمة مر بها ، بل ان عامر وجــدى فـى   ( ميرامار) يجســـد التـردد والشــك الميتافـيـزيـقى ، ولذا يتجه إلى ربه متضرعا لأن يحل له مشـكلة العـقيدة قـبل الموت قائلا فى وضوح ( لقد تجلى الله لأنبيائه ، ونحن أحوج منهم لهذا التجلى ) ، وبذلك تعكس ميـرامار تطور الوعى الدينى لدى محفوظ ، والوصول إلى اليقين والذى بدأيتبلور فى السبعينيات ،من خلال رائعته ( ليالـى ألـف ليـلة ) حـيث عــودة البـنـدول للإيمان ، من خلال الشيخ الصوفى التى تتسـاوى عنده الدنيا حجرها ومدرها ولايهمه منها سـوى المعرفة ، والتى تنهى الرواية بقوله  " من ميزة الحق أنه لم يجعل لأحـد إليه طريقا  ولم يويئس أحد من الوصول إليه وترك الخلق فى التحير يركضون ، فمن ظـن أنه واصـل  وصـله ومن ظـن أنه فاصل  تاه  فلا وصول .. ولا مهرب عنه  ولامنه " أو كما قال جعفر الراوى وهــو يتأمل مئذنة الحسين " فطرته السليمة جعلت عودته الحميمة للدين مسألة وقت ".

    وقد تكررت هذه التيمة أيضا فى عمله (رحـلة ابن فطوطة ) حينما عاد لديار الإسلام بعد رحلته الطويلة من أجل البحـث عـن الكمال المطلق  وفـرحته الطاغية بسماعه نداء الصلاة (الآذان) واحتضانه للإمام فى لهفة وتقبيل رأسه .  
أعتقد أن الدراسة العميقة والمتأنية لنجيب محفوظ يمكن أن تحسم كثيرا من القضايا التى أثيرت حوله ،وتجعلنا نتأنى قبل إصدار الأحكام .
الموقع الرسمى للأديب العالمى نجيب محفوظ :

لتحميل كتب نجيب محفوظ على الرابط التالى  :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق