يركز النظام الياباني للتعليم على تنمية الشعور بالجماعة والمسؤولية لدى التلاميذ والطلاب تجاه المجتمع بادئًا بالبيئة المدرسية المحيطة بهم، مثل المحافظة على المباني الدراسية والأدوات التعليمية والأثاث المدرسي وغير ذلك. فمن المعروف عن المدارس اليابانية المحافظة على نظافة المدرسة، فأول شيء يُدهش زائر المدرسة اليابانية، وجود أحذية رياضية خفيفة عند مدخل المبنى المدرسي مرتبة في خزانة أو أرفف خشبية يحمل كل حذاء اسم صاحبه، حيث يجب أن يخلع التلاميذ أحذيتهم العادية وارتداء هذه الأحذية الخفيفة النظيفة داخل مبنى المدرسة.
ومن الشائع في المدارس اليابانية أيضًا، أن يقوم التلميذ عند نهاية اليوم الدراسي بكنس وتنظيف القاعات الدراسية بل وكنس ومسح الممرات بقطع قماش مبللة. بل والأكثر من ذلك غسل دورات المياه وجمع أوراق الشجر المتساقط في فناء المدرسة وكذلك القمامة إذا وجدت!. وكثيرًا ما ينضم إليهم المدرسون في أوقات معينة لإجراء نظافة عامة سواء للمدرسة أو للأماكن العامة أيضًا مثل الحدائق العامة والشواطئ في العطلة الصيفية، وذلك بدون الشعور بالضِعة سواء من التلاميذ أو المعلمين. بالإضافة إلى ذلك يقوم الأطفال بتقديم الطعام للحيوانات أو الطيور التي تقوم المدرسة بتربيتها حيث إنه لا توجد شخصية «الحارس» أو «الفراش» في المدارس اليابانية ولا يوجد عمال نظافة، ولذا يأخذ التلاميذ والطلاب والمعلمون على عاتقهم تنظيف المدرسة وتجميل مظهرها الداخلي والخارجي، بل يمتد هذا النشاط إلى البيئة المحيطة بالمدرسة أيضًا وذلك بتعاون الجميع وفي أوقات منتظمة ومحددة.
ويتضح أوج هذه المسؤولية وروح الجماعة والتعاون والاعتماد على النفس عند تناول وجبة الطعام في المدرسة. فمن المعروف أنه لا يوجد مقاصف في المدارس اليابانية، ولكن يوجد مطبخ به أستاذة تغذية وعدد من الطاهيات حيث يتناول التلاميذ وجبات مطهية طازجة تُطهى يوميًا بالمدرسة. ويقوم التلاميذ بتقسيم أنفسهم إلى مجموعات إحداها تقوم بتهيئة القاعة الدراسية لتناول الطعام، وثانية مثلاً تقوم بإحضار الطعام من المطبخ، وثالثة تقوم بتوزيع هذا الطعام على التلاميذ بعد ارتداء قبعات وأقنعة وملابس خاصة لذلك. وهذا بلا شك يؤكد الإحساس بالمسؤولية وروح الجماعة والاعتماد على النفس والانتماء إلى المدرسة والمجتمع، كما يوفر من ناحية أخرى ميزانية كان يُفترض أن تُرصد لهذه الخدمات.
القيادة التي تتجلى أيضًا في تعيين شخصية مراقب الفصل أو رائده والذي يقوم في وقت غياب المدرس بتهيئة الفصل وتنظيمه وحل مشكلاته بما فيها مشاكل التلاميذ بين بعضهم بعضًا. ثم أخيرًا في نهاية اليوم الدراسي يقوم التلاميذ بعقد جلسة جماعية حيث يجتمعون ويسألون أنفسهم فيما إذا كانوا قد أتموا عملهم اليوم على أكمل وجه أم لا ؟ أم أن هناك قصورًا فيما قاموا به من أعمال ؟ أو هل كانت هناك مشاكل ما ؟ وبلا شك إن هذه الطريقة في التعليم تستهدف روح الجماعة وتحمُّل المسؤولية والالتزام والقيادة، كما تشكل أيضًا قوة نفسية رادعة لكبح جماح السلوكيات الاجتماعية غير اللائقة تجاه المجتمع والغير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق