فى البداية يرحب بنا (باولو كويلو) فى مكتبه ثم يسترسل فى الحديث قائلا : ” سوف أحاول أن أشرح عملية تأليف كتاب، و سأستخدم كتاب (ألف) كمثال.
هناك سؤال كثيرا ما يسأله لى الصحفيون و هو:
مما يأتى لك الإلهام ؟
بشكل عام هناك نوعان من الكُتَّاب؛ كُتَّاب مثل (بروست) و (جيمس جويس) ممن يمتلكون هذا العالم الخيالى حاضرا جدا فى حياتهم الواقعية، و لذلك لا يحتاجون أن يعيشوه مرةً أخرى ليتمكنوا من الكتابة، أما النوع الثانى فكُتَّاب من نوعية (هيمنجواى) .. يحتاجون إلى خوض الخبرات.
إننى مرتبط بشكل أكبر- دون أن أُقارن نفسى بأحدٍ طبعا – بالنوع الثانى من الكُتَّاب؛ إننى بحاجة لخوض الخبرات؛ و لذلك فإن كل كتبى تقريبا هى عبارة عن انعكاس لخبراتى و تجاربى، و بما أننى قد وصلت إلى هذه النقطة فلننتقل إلى (ألف).
كنت فى عام 2006 أعيش حياة من الدِعة ، دون أى تحدى، لدرجة أن حياتى بدأت تصبح مملة جداً، فلم يكن لدى تحديات على أى وجه، و لم يكن ذلك لأن الحياة لا تضع تحديات فى طريقى، فالحياة تواجهنى بالتحديات يوميا .. كأن أبدأ هذا الفيديو مثلا.
ثم و لأسباب عديدة – تستطيعون معرفتها عن طريق قراءة الكتاب – مررت بكارثة إيمانية .. هذه الكارثة الإيمانية قادتنى إلى أن أقضى 4 شهور من عمرى فى رحلة استقللت فيها ذلك القطار العابر لـ (سيبيريا).
كنت أحاول أن أجد نفسى .. ليس من منطلق أننى سوف أتوصَّل إلى إجابات لأسئلة مثل: من أنا ؟ … إلخ، و لكن من منطلق أننى سأكون – فى أقل تقدير – على اتصال بالطاقة المقدسة التى تتخلل كل الأشياء بما فيها الإنسان على الدوام.
خُضت هذه الرحلة دون أن أعلم إلى أين ستقودنى، لأنك لو عرفت إلى أين ستصل .. فليس هناك منطق فى المسألة؛ لم تكن لتحتاج حتى أن تسافر لو أنك تعلم بالفعل مصيرك.
إن الأمر الهام عن الحياة هو أن تكون منفتحاً على الغموض .. على المغامرة، و لقد فقدنا هذا الأمر فعلا فى أيامنا الحالية.
إذن فقد انطلقت فى هذه الرحلة، و خلالها استقللت هذا القطار العابر لـ(سيبيريا)، و الذى كان حلما قديما لى .. أن أسافر من (موسكو) إلى (فلاديفوستوك)، و على متن ذلك القطار خضت غمار تجربة فى غاية القوة.
لم تكن تلك التجربة أولى تجاربى من هذا النوع، و لكنها على الأقل كانت تتوافر على لحظة فهمتها فيها؛ فتمكنت من فهم نفسى، و هذا لا يعنى على الإطلاق أننى أستطيع أن أكتب كتاباً عنها.
فى العادة تحدث لى أمورا كثيرة فى حياتى لا أكتب عنها أبداً، لأنها تجاربى لنفسى، و لا أحتاج أن أشاركها مع الآخرين، أو ربما لا أستطيع.
كان الأمر هكذا مع (ألف) .. شعرت أننى لست فى حاجة لمشاركة هذه التجربة مع الآخرين، و أنها تجربة لى وحدى.
مرت 4 السنوات … و يوماً ما كنت فى (ديفوس) بـ (سويسرا) .. شعرت بشعور غريب؛ أننى محتاج لمشاركة هذه التجربة .. بل و أعرف كيف أفعل، ليس بشكل واعٍ، و لكن لأننى كنت قد هضمتها تماماً بطريقة ما.
حدث الأمر هنا و الآن فى (ديفوس) عام 2010 ؛ و هكذا قررت أن أكتب كتاباً.
للمزيد:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق