العقاب البدني" من أكثر أساليب التربية شيوعاً في مجتمعاتنا ،بل هو قديم منذ الجاهليـة، حيث أصبح جزءاً من الموروث الشعبي.. فمن المخزون في الذاكرة المجتمعية؛ قول الوالد للمعلم حين يرسلا ابنه إلي المدرسة (لكم اللحم ولنا العظم ) .. وفي الأمثال الشعبية قولهم ؛ ( العصا لمن عصا من الجنة ) وقولهم : ( العلم يرفعهم و الضرب ينفعهم)..
وقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول العقاب الجسدي بالنسبة للأطفال في أوساط كثيرة، التربويون من جانب، والإختصاصيون النفسيون، من ناحية .. كما دخل المهتمون بقضايا الحقوق ـ حقوق الإنسان، حقوق المرأة، حقوق الطفل ..
فالطرف الأول والثاني ينظران إلي الموضوع من زاوية الآثار التربوية والنفسية المتعلقة باستخدام هذا النمط من وسائل التربية سلباً وإيجاباً، وينقسمون فيها إلي فريقين ـ مع، وضد .
أما الطرف الأخير فيدول القضية ويعولمها في إطار قضية كبرى يعنونها تحت مسمى( العنف) .. كعنوان فرعي ضمن عناوين فرعية كثيرة العنف الطلابي ـ العنف الأسري ـ العنف ضد المرأة ـ العنف ضد الطفل.الخ .
تأديب الأبناء في الوسط العائلي:
حالياً فان عدداً من بلدان العالم باتت تحظر العقاب الجسدي لتلاميذ المدارس من قبل المعلمين أو إداراة المدرسة مثل النمسا (1974) ، هولندا (1920)، إسبانيا (1985)، الولايات المتحدة (وهو محظور في 30 ولاية أمريكية، وكانت أول ولاية نيوجيرسي في 1867 وأحدث ولاية هي أوهايو في 2009 ، إلا أن العقاب البدني المدرسي لايزال مستمراَ في بلدان أخرى عديدة.
في مصر أظهرت دراسة نشرت في 1998 أن العقاب الجسدي في المدارس مستخدم على نطاق واسع من قبل المعلمين في مصر لمعاقبتهم على سلوك يرونه غير مقبول. حيث بينت الدراسة أن المعلمين قد مارسوا عنفاً على نحو 80% من الأولاد و60% من البنات مستخدمين الأيدي العصي الأحزمة الأحذية والركل متسببين في كدمات وإصابات ، ومنها ماأدى إلى حالات فارقت فيها الضحية الحياة.
وقد كشفت دراسة أمريكية حديثة أن العقاب البدني للطفل يحدّ من قدراته الإدراكية، كما أنه يؤثر في نموّه ويجعله أكثر عدوانية مع الآخرين.
كما أظهرت الدراسة والتي تابعت مجموعة من الأطفال منذ مرحلة الطفولة إلى سنّ البلوغ أن استخدام أسلوب الضرب الذي يندرج تحت العنف المنزلي يجعلهم أكثر إنعزالية، وأن الأطفال الذين تعرّضوا للعقاب البدني في عُمر سنة أصبحوا أكثر شراسة وتراجع نموّ قدراتهم الإدراكية مقارنة بالأطفال الذين تمّ تقويم سلوكهم شفهيّاً.
كما أشارت الدراسة الأمريكية أيضا إلى أن تعريض الأطفال لمزيد من الضرب في عمر السنة يجعل تصرفاتهم أكثر عدوانية عند بلوغ السنة الثانية، ويؤدي أيضاً إلى تدني درجاتهم في اختبارات مهارات التفكير بعد بلوغ السنة الثالثة.
بينما أشارت دراسة أخرى أن العقاب البدني للطفل في سن الخامسة وحتى السادسة عشر يطوّر لديّهم ظاهرة السلوك الاجتماعي الشائن وبواقع ثلاثة أضعاف عن أقرانهم ممّن لم يتعرضوا للضرب.
للمزيد:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق