الاثنين، 18 فبراير 2019

إدارة التنوع الثقافى للمدن وأثره على التماسك الاجتماعى




أشارن نتائج الدارسات إلى أن طبيعة المكان تؤثر على تماسكها الاجتماعى ،فإدماج الطوائف والأعراق داخل المكان الواحد يؤدى إلى تغيير الصورة الذهنية لكل طائفة تجاه الطائفة الأخرى بما يؤدى إلى التعاون والمشاركة ,والتعايش بين الثقافات والحد من الصراعات فيما بينها .
ومايترتب على ذلك من استقرار للمجتمع وتوفير بيئة آمنة جاذبة للاستثمارات ئؤدى بدورها إلى تحقيق التنمية المستدامة .
ولايمكن الإشارة إلى مجتمع المواطنة بعيدا عن التنوعات الثقافية والسياسية والاجتماعية السائدة ، أي أن ما تفكر فيه فئة أو جماعة معينة إتما هى تمارسه على أرض الواقع ، أى أنه انعكاس للثقافة السائدة على أرض الواقع. والثقافة هنا لايمكن إلا أن تكون انعكاسا لمركب توزيع القوة في المجتمع . هذا المركب الذي يدخل في تحديد عناصر القوة ، فيه متغيرات سياسية واجتماعية وأخرى اقتصادية وأثنية ولربما تشمل النوع الاجتماعي.
ويعد التنوع الثقافي من الإشكاليات التي تواجه الدول في أي مكان ،
لكن الإختلاف هو في كيفية ادارة هذا التنوع على مبادئ العدالة الاجتماعية ، وأسس الإدارة العلمية التى تنظمها اللوائح والقوانيين فى إطار ثقافة الإنجاز بدلا من ثقافة الولاء الفرعى للقبلية والعشائرية بمرجعياتها الثقافية المتباينة والتى قد تعيق من بناء دولة المؤسسات فى أى مجتمع .

ومفهوم التنوع مرادف لمفهوم التعددية الذى يعنى وجود تفاعل عادل بين الثقافات المتنوعة مع امكانية خلق تعبيرات ثقافية مشتركة من خلال الحوار والاحترام المتبادل على المستوى المحلى والإقليمى والدولى. 
فالتعددية تعنى إدارة التنوع وفق قواعد عامة مشتركة لمؤسسات وجماعات غير متجانسة فى مجتمع تتوزع فيه القوة فى أنماط متنوعة للصراع أو المنافسة أو التعاون والتعايش ، على أن تعكس هذه القواعد مبادئ المساواة والتسامح والاحترام لهذا التنوع الثقافى .ولذلك فإن كثيرا من الدول تتميز بالتنوع إلا أنها تفتقر إلى البعد الأيدولوجى والإدارى لإدارة هذا التنوع .

وتعتبر الهند نموذجا متفردا لإدارة هذا التنوع الثقافى متعدد المذاهب والأديان واللغات والأحزاب.
كذلك كندا التى تعد نموذج فيدرالى تهدف للحفاظ على الوحدة الوطنية مع تشجيع التنوع الثقافى .

أما السودان فتعتبر بلد الفرص الضائعة الذى يجسد العلاقة العكسية بين تنامى الشعور بالتنوع مع تراجع القدرة على إدارة هذا التنوع . حيث التمايز والإختلاف الذى وصل إلى حد االصراع . ولذلك فإن السودان التى تعتبر من بين أغنى عشر دول فى العالم من حيث مواردها الطبيعية والمساحة تراجعت لتصبح من أفقر دول العالم ، على العكس من ماليزيا التى تفتقر إلى الموارد الطبيعية إلا أنها أصبحت سابع أكبر اقتصاد فى العالم نظرا لقدرتها إدارة تنوعها الثقافى بكفاءة .
ولذلك يجب الاستفادة من تجارب هذه الدول فى إدارة التنوع وكيف استطاعت تحقيق التعايش السلمى والتعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع. من خلال التركيز على دوائر الإنتماءات المتقاطعة ،فى إطار نظام مؤسسى يستند إلى الشفافية والمحاسبية وكفاة الآداء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق