السبت، 21 أبريل 2018

قراءة في كتاب (العرب، وجهة نظر يابانية) للمؤلف الياباني: نوبوأكي نوتوهارا




المستعرب الياباني نوبوأكي نوتوهارا، درس اللغة العربية في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، ففي العام الذي حاول فيه أن يدخل الجامعة (1961)، أعلنت عن افتتاح قسم للدراسات العربية، فتحرك صوت في داخله يدعوه لدراسة اللغة العربية، وبسبب ميله واهتمامه بالأدب عامة فقد اتجهت عنايته إلى العناية بالأدب العربي خاصة، فهام بهذا الأدب وأولاه جهده ومثابرته، وكرس نفسه لدراسة العرب كنموذج إنساني غريبٍ عن الداخل الياباني. سافر إلى مصر سنة 1974 وأقام في محافظة الشرقية شمال القاهرة، عاش مع الفلاحين رغبة منه في كشف شخصية مصر الحقيقية من على رسمات وجه ذلك الفلاح البسيط. أقام فترة في بادية الشام من العام 1980 وارتحل إلى حضرموت في اليمن ولم تغب عنه مركزية المغرب العربي في صلب الكيان العربي فزار المغرب وتعرف هناك على بعضٍ من عادات شعب الطوارق وجالس بعضا من أدبائهم وكُتابهم. ترجم روايات عربية إلى اليابانية منها على سبيل الذكر لا الحصر رواية (الحرام) و ( أرخص الليالي) ليوسف إدريس، ورواية (تلك الرائحة) للكاتب المصري صنع الله إبراهيم، وروايات (يوميات كاتب في الأرياف) و (عودة الروح) و (عودة الوعي) لتوفيق الحكيم وإن كانت ترجمته الأهم تعود لروايات الأديب (غسان كنفاني) والتي من خلالها تعرّف وعن قرب إلى القضية الفلسطينية، وبهذه الترجمة تعرّف اليابانيون على وجه آخر للقضية الفلسطينية بعد أن كان الوجه المشوه للقضية هو الوجه السائد بين أظهرهم، لأن المنبع كان واحدا فقط وهو الإعلام وحسب. يقول نوتوهارا في هذا السياق: "كان من الصعب على الياباني أن يفهم جوهر القضية فهما سليما بسبب التباس المواقف وتعارض وجهات النظر في وسائل الإعلام عندنا، بحيث لم يكن الإنسان يعرف بمن يثق، وفي ظل هذا الوضع الإعلامي الملتبس جاءت ترجمتي لرواية (عائد إلى حيفا) لغسان كنفاني لتؤدي دوراً مهما لدى فئة من الجمهور الياباني" ، وأعقب هذا بترجمته لرواية (ستة أيام) للدكتور حليم بركات ليكتمل المشهد الفلسطيني في عين الياباني .
وبذلك فإن العين اليابانية المسلطةُ أشعتها على العرب لم تأتِ من قراءات أدبية وحسب، بل كانت تتكئ على معايشة لطبقات المجتمع وحياة كاملة معهم مدعومة بقراءات للوجه الثقافي العربي من خلال ما أنتجته العقول الأدبية المعاصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق