الثلاثاء، 23 فبراير 2016

فى إطار تطوير منظومة التعليم تدريس ‫#‏الفلسفـة‬ للأطفال : لماذا وكيف ؟



إن الاتجاه نحو تدريس الفلسفة للأطفال ينطلق من مبدأين أساسيين :
المبدأ الأول : طبيعة الطفل وقدرته على التساؤل والاندهاش التي تشكل أساس الفلسفة،
المبدأ الثانى : قدرة الطفل على تعلم الفلسفة وممارستها.
المبدأ الأول يشير إلى فضولية الطفل وحب الاستطلاع الدائم لديه ودهشته الفطرية، وهذه الأدوات التي تتلاءم والطفولة لتجعله يخطو الخطوة الأولى في ممارسة الفلسفة والتفكير، وهنا تبدأ الفلسفة بشكل أو بآخر من خلال التفكير وطرح الأسئلة والحوار، وبذلك تصبح منهج حياة يمارسه الطفل في كل لحظات حياته.
أما المبدأ الثاني فهو قدرة الطفل على ممارسة الفلسفة وتعلمها، وهذا مدعم بأحدث الدراسات النفسية والعصبية والإنجازات العلمية المعرفية في مجال قدرات الأطفال الهائلة على التعلم.
يستطيع الطفل –استناداً لما ذُكر- ممارسة التفلسف بشكل يضمن تقديم معايير منطقية تحكم عملية التفكير لديهم وتوجههم، وليس بالضرورة أن يحاكي طريقة الكبار في التفكير بالأشياء، إذ أثبتت الأبحاث أن الأطفال الذين يدرسون الفلسفة يكون تحصيلهم الأكاديمي أفضل، ويحققون مستوى أعلى من الإبداع بكل أبعاده : الأصالة (يطرحون أفكاراً أصيلة وجديدة عند مناقشة المواضيع)، والمرونة (القدرة على التفكير المرن البعيد عن القوالب التقليدية)، والطلاقة (تعدد الأفكار والبدائل الجديدة)، كما يظهرون تقديراً أعلى لذواتهم من غيرهم.
إن ممارسة الطفل التفلسف لها مردود واضح في تحصيله الأكاديمي للطفل وعلاقاته الاجتماعية، ويطور لديه الكثير من مهارات التواصل الفعالة مثل: فن الإنصات الدقيق، وطرق المحادثة الجيدة، والاستدلال المنطقى أحياناً، وما يرتبط بامتلاك أدوات التفكير العلمي الإنساني من دقة الملاحظة والتخيل والشك والاستنتاج ثم إصدار الحكم.
لماذا يتعلم الأطفال الفلسفة ؟
مساعدة الطفل على التعامل مع الحياة ومشكلاتها ؛ فينتقل الطفل من مجرد تحصيل المعرفة الفلسفية فقط إلى أن تصبح الفلسفة نشاطاً وفعلاً حقيقياً ومعاشاً، وتوظيفها في مناقشات عقلانية لمشكلات ومسائل حياتية جدلية بما يشكل مدخلاً ثرياً للتفكير والسلوك في ضوء اعتبارات أخلاقية .
ولتأسيس نظام تعليمي متكامل يتبنى الفلسفة، فلابدّ أن يبدأ من مراحل مبكرة، وهو ما قام به الفيلسوف الأمريكي المعاصر ماثيو ليبمان (Matthew Lipman)، في خمسينات القرن الماضي، حيث اعتبر أن الفلسفة لا ترتبط بعمر معين ، داعياً إلى تدريس الفلسفة للأطفال لتعويدهم منذ الصغرعلى التفكير النقدي الحُرِّ والمستقل.
ويقوم منهج ليبمان على أساليب تعليمية مناسبة تستند للقصة والحوار والفن والدراما، ويتم اختيارها ميدانياً في بعض الأحيان، وتصلح أن تطبَّق من قبل جميع المعلمين، ويرتكز على تنمية ثقافة السؤال في المدرسة اعتماداً على أسئلة الأطفال أنفسهم، واقتراح موضوعات سردية (قصصية) تمس حياة الأطفال وترتبط بواقعهم بموضوعات تحمل موضوعا جدلياً وخلق أجواء الحرية والدعم للحوار والمناقشة حول تلك القضايا.
تعليم الفلسفة للأطفال – اعتماداً على منهج ليبمان أو غيره – يعد استثماراً تربوياً قيماً، ويشكل حلاً لتحديات التعليم التى نعانى منها وأهمها الجمود والتطرف الفكرى ومواجهتها بأدوات بسيطة يمكن أن يتبناها المعلمون من خلال المناقشة العقلانية كوسيلة لتعزيز يقظة ووعي وفهم الطفل لعالمه ، وهو ما سيعينه في تكوين معنى جديد للأشياء ومعنى جديد لخبراته ويجعله أكثر دقة ومنطقية وانفتاحاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق