الجمعة، 15 يونيو 2012

العنف التربوى والتواصل Educational Violence and communication



إن ضرب الطفل أو لطمه هو بشكل من الأشكال نوع من التواصل معه. لكن ما الرسالة التي تُنقل له عند ضربه؟ 

إن المعارف الراهنة حول نمو الدماغ لا تترك مجالا للشك في أن العنف التربوي، مهما كان خفيفا، تكون له نتائج مدمرة. وقد أدركت الهيآت الدوليةأن إقناع الرأى العام باحد من العنف يساهم فى نشر السلام .فقد أشارت الدراسات فى مجال البيولوجيا العصبية إلى أن التواصل الداخلى بين الخلايا العصبية يرتبط جزئيا بأشكال التواصل وعلاقات الطفل مع المحيطين به.ولذافإن أبسط اضطراب في نظام الخلايا العصبية الخاصة يسفر عن تغيير كبير في الظواهر العقلية،كما يؤثر على نمو الفص الجبهى الذى يتحكم فى مراكز العواطف والذاكرة الانفعالية في الدماغ، التي لها دور جوهري في السلوك العقلاني ، بما يخل بالتوازن الداخلى للطفل بما يفقده الإدراك للواقع والمرونة التى تساعده على التكيف مع الأحداث المتغيرة أو تسجيل المعلومات الجديدةوالتعلم بالتجربة.



شكل يوضح فصوص المخ  والفص الجبهى أو الأمامى

رسائل العنف التربوي المدمرة


 نعتقد عادة أن الغاية من لطم أو ضرب الطفل ردعه  وصرفه عن تكرار سلوك مذموم،لكن الرسالة الإيديولوجية التي ينقلها ذلك للطفل أعقد من ذلك وأخطر بكثير.ولأننا نشكل قدوة لأطفالنا فإن الضربة أواللطمة ترسخ في أذهانهم درسا في فساد الأخلاق واللاديمقراطية. فهي تعلمهم:

-أننا حين نختلف في الرأي مع شخص آخر، يحق لنا ضربه، حتى وإن كنا نحبه.
-حين يكون المرء كبيرا وقويا، يحقّ له ضرب من هو أصغر منه وأضعف.
-عندما يضربك أحد أو يتوعّدك، ينبغي أن تخضع له.
-العنف أمر سيء، لكنه مفيد أيضا، لأن الطفل لايُضرب إلا من أجل مصلحته.
مثل هذه المبادئ لا يمكن إلا أن تحدث خللا في بوصلة الطفل الداخلية، وتجعل من المتعذر عليه التمييز بين الصواب والخطأ، بين الخير والشر. فهي تجعله ضعيفا أمام كل أشكال العنف وسيبدو له أن  تعنيف الآخرين لصالح حزب أو ديانة أو أمة، أو لمصلحته الشخصية، أمرا عاديا: فهذا ما تعلّمه من الأشخاص الذين يقتدي بهم لسنوات طويلة لما كان دماغه في طور التشكل،ويمكن أن يمضي بعيدا في العنف، لأن للعنف التربوي أثرا آخر هو إضعاف الشعور بالتعاطف.
لكن من حسن الحظ أن الآثار المدمّرة للعنف التربوي على الدماغ وعلى النفسية غالبا يصلحها لقاء أشخاص يسمحون للأطفال، عبر حنانهم واحترامهم باستعادة جزء من تقديرهم لأنفسهم، وبأن يكون لهم سلوك متوافق مع المبادئ الأخلاقية المقبولة في علاقتهم مع الراشدين.
إن منع كل ضروب العنف التربوي، ومساعدة الآباء على تبني طرائق تربوية خالية من العنف هو أنجع السبل على الأرجح للحد من العنف الإنساني.
وتتحد اليوم اليونيسيف والمنظمة العالمية للصحة ولجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة والمجلس الأوروبي من أجل إقرار هذا المنع في كل دول العالم.

ولذا ليس غريباً أن تبحث 80 دولة هذه المشكلة في مؤتمر عالمي رعته وزارة التربية الفرنسية في باريس بالتعاون مع اليونسكو في آذار 2001.
المصدر :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق