تعود قصة المشروع إلى عام 1998م عندما تلقّى مجموعة من الباحثين دعوةً من الحكومة الرومانية لدراسة مدى نجاح خيار التبنّي أو الرعاية العائلية بديلاً عن برامج الرعاية المؤسسية المعتادة. وواجه فريق البحث عند البدء تحدّيات جمّة، تمثّلت في الأسئلة المثارة حول الأبعاد الأخلاقية لإجراء مثل هذه الدراسة، التي تعتمد على مبدأ التصميم العشوائيRandomized ، على هؤلاء الأطفال.
تمّ استقطاب 163 طفلاً لهذه الدراسة، راوحت أعمارهم بين سبعة أشهر و33 شهراً، ووزّعوا إلى مجموعتين، خُصِّصت إحداهما للتبنّي، وتُركت لتتلقّى الرعاية التقليدية في الملاجئ، وأُجريت فحوص طبية ونفسية منتظمة بفواصل زمنية محددة على الأطفال في كلتا المجموعتين، كان آخرها عندما وصلوا إلى سنّ 12 عاماً.
خضعت الدراسة طوال مدتها لمراقبة صارمة ومستمرة من عددٍ من لجان المراجعات الأخلاقية في جامعات الباحثين وجامعة بوخارست ومن مجلس مراقبة سلامة المعلومات في رومانيا.
أُجريت عند بدء المشروع مقارنة بين الأطفال الذين يعيشون ضمن أسرهم الأصلية ونزلاء مراكز الرعاية الحكومية، وكان الفارق كبيراً على كلّ مقياس تقريباً: النمو، واللغة، والاستيعاب، والقدرة على المحاكاة، وبناء العلاقات الاجتماعية الناجحة.
فمثلاً: بلغت معدلات اختبارات الذكاء ΙQ عند مَن نشأوا ضمن عائلاتهم نحو 100 درجة (طبيعية)، بينما راوحت عند أقرانهم في مراكز الرعاية بين 60 و70 درجة (إعاقة طفيفة). وأظهرت النتائج النهائية تحسّناً ملحوظاً في معدلات الذكاء عند مَن جرى تبنّيهم، وعاشوا في بيئة أسرية، بخلاف مَن واصلوا حياتهم في الملاجئ، خصوصاً إذا حدث هذا التبنّي قبل سنّ 24 شهراً.
وكذلك أظهر فحص الارتباط العاطفي بين الطفل ومَن يرعاه فالأطفال الذين تمكّنوا من إقامة علاقات صحية مع مربّيهم وفي مجالهم الأسري كانوا -إلى حدٍّ كبير- في أمانٍ من الإصابة بالاضطرابات النفسية. كما لوحظ اختلاف في نمط تخطيط الدماغ الكهربي EEG بين أطفال المجموعتين؛ إذ بدا النمط طبيعياً عند مَن أُبعدوا من هذه المراكز، بينما عانى الباقون فيها أنماط نشاط دماغية شاذة.
وأظهرت فحوص الرنين المغناطيسي MRI، التي أُجريت في عمر 8-10 سنوات، نقصاً ملحوظاً في حجم الدماغ، وعيوباً في الأجزاء الرابطة بين مختلف مناطقه، عند مَن عاشوا طوال حياتهم في مراكز الرعاية مقارنةً مع مَن حالفهم الحظ وحصلوا على عائلة تبنّتهم. وعلى النقيض من ذلك، لم تسجّل في عمر الثامنة إلا فروق طفيفة بين المجموعتين في عددٍ من الوظائف الذهنية؛ كالاستيعاب، والمرونة، والتحكّم في ردّ الفعل. وكان معدل الإصابة بداء نقص الانتباه وفرط النشاط ADHD قريباً من سنّ الخامسة متشابهاً بين الفريقين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق