نظم محمد علي الاقتصاد المصري في الزراعة و الصناعة و التجارة علي قاعدة الاحتكار ، بمعني أن تقوم الحكومة بوضع خطط الزراعة و الصناعة و التجارة مثل تحديد نوع الغلات التي تزرع، و نوع المصنوعات التي تنتج، و تحديد أثمان شرائها من المنتجين و أثمان بيعها في السوق. فالاحتكار بمعني آخر هو نوع من التوجيه الاقتصادي تحت إشراف الدولة.
ففي الزراعة قام محمد علي في خلال فترة لا تتعدي ست سنوات بتغيير أوضاع الزراعة و الملكية الزراعية كليةً ، فقد قام بإلغاء نظام الالتزام الذي كان رمزاً للظلم الإجتماعي و الإقتصادي الذي مارسه الملتزمين ضد الفلاحين. كما قام محمد علي بمصادرة أراضي الملتزمين و قام بتسجيلها باسم الدولة، كما ضبطت أراضي الأوقاف لصالح الدولة.
بعد ذلك أعاد محمد علي توزيع مساحات الأرض علي الفلاحين بحيث خص كل أسرة ما بين 3-5 أفدنة حسب قدرة كل منها، و ذلك للانتفاع بها بشرط دفع ما تقرره الحكومة من ضرائب و أموال، و لا تنزع الأراضي من المنتفع إلا إذا عجز عن دفع ما عليها من أموال.
كما قام محمد علي بتطوير الزراعة عن طريق : إحلال أساليب زراعية جديدة من شأنها زيادة الانتاج و تقليل الجهد، و استقدم مدربين ماهرين من كل مكان و حدد الواجبات و المسؤليات. و كذلك الاهتمام بالتعليم الزراعي حيث استقدم الخبراء الزراعيين من الخارج و أنشأ مدرسة للزراعة.
و كانت كل محاصيل الأراضي الزراعية تباع للحكومة، التي تقوم بتوريد جزء منها لمصانعها و أسواقها. و جزء آخر للوكلاء الأوروبيين تمهيداً لتصديرها للخارج.
كذلك قام بتحسين طرق الري عن طريق شق الترع وإنشاء القناطر الخيرية ، و نتج عن ذلك تحويل أراضي الوجه البحري إلي ري دائم.
كما أدخل أنواع جديدة من الغلات الزراعية مثل أشجار التوت لتربية دود القز و نبات النيلة الهندية و تحسين زراعة القطن حتي بدأت مصر في تصديره من عام 1827 م.
في مجال التجارة احتكر محمد علي تسويق الحاصلات الزراعية في الداخل والخارج.
كما احتكرت الحكومة الواردات، و كان محمد علي لا يشجع الاستيراد كثيراً، إذ كان يري كما شاهد في أوروبا قبل مجيئه إلي مصر أن الدولة القوية هي التي تزيد صادرتها عن واردتها.
وكان احتكار الإنتاج الحرفي وسيلة محمد علي للإرتقاء بالصناعة لكي تحقق أهداف بناء القوة الذاتية للبلاد، بدون اللجوء للاستيراد.
فأنشأ محمد علي المصانع في مجالات عديدة، منها 18 معملاً لنسج و غزل القطن و الكتان و الحرير، و أنشأ معملاً كبيراً لصناعة الطرابيش في مدينة فوه، و معامل السكر في الصعيد، و المصابغ و معامل السباكة و غيرها.
و من خلال نظام الاحتكار كانت الحكومة تقوم بإمداد المصانع بالمواد الخام اللازمة للصناعة بالثمن الذي تحدده الحكومة ، ثم تقوم بشراء المنتجات المصنعة بالسعر الذي تحدده أيضاً.
قام بإنشاء مصانع حكومية لتوفير الصناعات المطلوبة و استقدم خبراء من الخارج من إيطاليا و فرنسا و إنجلترا لأعمال السباكة و الصباغة و مختلف الصناعات.
كما أجبر مشايخ الحارات علي جمع الصبية للعمل في المصانع إجبارياً، و قام بتخصيص بعثات للخارج منذ عام 1809 م لإيطاليا و فرنسا و النمسا و انجلترا لدراسة فنون الصناعة المختلفة و ترجمة الكتب الصناعية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق