قبل سنوات ثلاث، كان رجل هولندي يدعى ماوريس دو هوند يبحث عن مدرسة ابتدائية مناسبة لابنته ، فوجد أن كل المدارس في بلاده تسير على المنهج نفسه الذي كانت عليه عندما كان هو نفسه طفلاً ، قبل أكثر من ستين عاماً ، فقرر أن يؤسس مدرسة تتبنَّى تعليماً لعصر جديد ، وهي المدرسة التي وقع الاختيار عليها لاحقاً، لتكون واحدة من أكثر المدارس ابتكاراً في العالم. وحملت اسم «مدرسة ستيف جوبز» تكريماً له، دون أن تكون له أية علاقة بها.
المدرسة كما لم يعهدها أحد
مدرسة دون معلمين، بل بمدربين، ويحق للطالب فيها أن يسافر في عطلة أثناء العام الدراسي، ويسري الأمر نفسه على المدربين. ليس فيها صفوف دراسية، بل مجموعات تضم تلاميذ من أعمار مختلفة. لا يحتاج المدربون فيها إلى تحضير الدروس، ولا يضيّعون وقتاً في فرض النظام على الصف، ولذلك فكل وقتهم مخصص للمهمة الأساسية، وهي اكتشاف مهارات الطفل وتنميتها.
ليس هناك جدول زمني لتطبيق المنهاج الدراسي الموضوع من الوزارة والمفروض على الجميع أن يدرسوه، بل لكل طالب جدول دراسي (على مقاسه)، هو الذي يختار المواد والنشاطات التي يريدها، والوقت الذي يرغب أن يخصصه لها. ويقتصر دور الوالدين على الإشراف من بعيد على هذا الاختيار. ويتابع المدرِّب المسؤول مستوى الطالب بصورة مكثفة. وفي الاجتماع الذي يُعقد كل ستة أسابيع، بمشاركة التلميذ وولي الأمر والمدرِّب، تجري مناقشة ما تحقق خلال هذه المدة، وما ينبغي أن يتم في الأسابيع الستة التالية.
كثير من التقارير الإعلامية الأوروبية التي تناولت هذه المدرسة، ركزت جلّ اهتمامها على الاستخدام المكثف للآيباد، الذي يحمل البرامج بصورة حديثة وشيِّقة ، وهي البرامج التي تتيح للطالب أن يتعلَّم كثيراً بنفسه. لكن من يتأمَّل الأوضاع عن كثب، ويتحدث مع كل الأطراف، يدرك أن القضية أكبر من وسيلة تعلم تستخدم التقنية الحديثة ، بل يتعلَّق الأمر بقلب المعادلة التي استمرت طويلاً، والتي تقوم على منهج موضوع من جهات عليا يجب أن تتم برمجة الطالب ليتماشى معه ، فهنا تنطلق المعادلة الجديدة من الطفل وليس من النظام ، بحيث يصبح الإنسان هو الأساس.
فهل يمكن لرجل لا علاقة له بمجال التعليم ، أن يتوصل إلى حل المعضلات ، التي استعصى حلّها على وزارات التعليم في كثير من دول العالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق