أظهرت العديد من الدراسات، ومن بينها برنامج التقويم الدولي (PISA)، هذا الترابط الواضح القائم بين مخرجات المؤسسات التعليمية واستقلاليتها في تدبير سياساتها التربوية والتدبيرية، شريطة تلازم خاصيتي الاستقلالية والمسؤولية القانونية والأخلاقية ، بما يؤدى إلى مراعـاة الفـروق والظـروف بـین البیئـات و المؤسسـات ،مـن حیـث المـؤهلات والإمكانـات والمعـدات والتجهیـزات.
أولا - النموذج الأمريكى
والدليل على ذلك أنه في الوقت الذي تحتفظ فيه بعض الأنظمة التربوية بسلطة القرار المركزي المرتبط بتحديد المعايير الوطنية، وطبيعة المخرجات، وهندسة المناهج وأساليب التقويم ، مع ترك هامش كبير من الاستقلالية للمؤسسة التعليمة في تحديد شكل وطبيعة الخدمات التربوية المقدمة، تبقى نقطة الاختلاف بين الأنظمة التي اختارت هذا التوجه والنظام التربوي الأمريكي ، آلا و هي محلية القرار التربوي، سواء على مستوى المدخلات أو المخرجات، مانحا بذلك درجة كبيرة من الاستقلالية للحكومات المحلية والمؤسسات التعليمية.
يصل مستوى استقلالية المقاطعات التربوية والمؤسسات التعليمية إلى الحد الذي يمكن معه لمؤسسة تعليمية انتقاء الأساتذة وتعينهم ، بناء على الأداء والمردودية خلال السنوات الأولى من الخدمة حسب كل ولاية،
فمـع أن مسـؤولیة التعلـیم فـي الولایـات المتحـدة كانـت فـي الأصـل بـین الولایـات، إلا أن الجـزء الأكبـر مـن هـذه المسـؤولیة قـد أنـیط بالمنـاطق التعلیمیـة المحلیـة التـي أصـبحت بمثابـة هیئـات ذات اســتقلال ذاتــي، فهــي تقــرر وتنفــذ سیاســاتها بنفســها وهــي مســؤولة بصــورة رئیســیة عــن تطویر التعلیم .
ثانيا : النموذج اليابانى
یعتمـد نظـام التعلـیم فـي الیابـان علـى اللامركزیـة ،ویقتصـر دور وزارة التعلـیم علـى التنســیق ووضـع السیاسـات العامـة طویلـة المـدى ،وبالنسـبة إلـى مسـؤولیة وضـع المیزانیـات المدرسـیة والمنــاهج التعلیمیــة والتقنیــات فــي المــدارس والإشــراف، فهــي مــن اختصــاص مجــالس التعلــیم المحلیة، أما بالنسبة إلى محتوى التعلیم فإن كل مدرسة تقوم بوضـع مقررهـا الدراسـي الخـاص بهــا، وفقــا للمــنهج الدراســي الــذي تعــده وتنشــره وزارة التعلــیم، وتقــوم مجــالس التعلــیم المحلیــة باختیار الكتب المدرسیة بین هذه الكتب التي تعدها الوزارة،
وهذا بدوره يؤكد استقلالية القرار التربوى كإحدى آليات تحقيق الجودة في إصلاح نظم التعليم كما أكدت ذلك كل من تجربة أمريكا واليابان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق