الصفحات

الخميس، 10 مايو 2012

الفكرة الصوفية ودورها فى التغيير الاجتماعى (دراسة تربوية للخطاب الروائى لنجيب محفوظ ) THE SUFI IDEA AND ITS ROLE IN SOCIAL CHANGE (AN EDUCATIONAL STUDY OF NAGUIB MAHFOUZ'S NARATIVE DISCOURSE)


(الوداع أيتها الحياة التى تلقيت منها كل معنى 
ثم انقضت مخلفة تاريخا خاليا من أى معنى)
                                    (نجيب محفوظ : أصداء السيرة الذاتية)


          الفكرة الصوفية ودورها فى التغيير الاجتماعى
                   (دراسة تربوية للخطاب الروائى لنجيب محفوظ )   

  يعتبرالأدب أحـد آليات التغيير فـي المجتمع المعـاصر ، فـمـن خـلال الفكرة أو الكلمة يتحـرك ضمير الفرد وتسـتقر معانيها في قـلبه وعـقله لتحـوله إلي إنسان ذي مبدأ ورسـالة ، فالكلمة يطـلقها مـفـكر أو أديب يمكن أن تكون عاملا من العــوامل الاجـتماعية التي تحرك النـفوس لتغـيير الأوضاع وخاصة إذا قامت علـي أساس ديني عقائدي، إلا أن ذلك يتوقف علي فاعلية الفكرة أو صدقـها. إذ أنه باسـتقراء الحضارات نجـد أن الـعقيدة الدينية هي المحرك الفاعل في التغييرات الإنسانية الكبري ، ذلك أن الجانب الغيبى الذى يتمثل في علاقة الإنسان بالخالق ،وما يرتبط به من نسق قيمى هوالذي يمد المجتمع بالمبررات التى تحقق الإرادة الجماعـية وتمكنه من أداء نشاطه المشترك للقيام بمهام الخلافة في الأرض وتحقيق العبودية لله في إطار شبكة قوية من العلاقات الأجتماعية.
 وباستقراء أدب نجيب محفوظ  ، نجد أنه قد استطاع أن يجسد من خلال العديد من شخصيات رواياته هذه الطاقة الروحية التي يكتسبها الإنسان من العـقـيدة وما يرتبط بها من قيم تنظم سـلوكياته فى إطار واقـعه الإجـتماعى وما يحدث فيه من تغيرات ولاسيما في المرحلةالأخيرة من مسيرته الإبداعية ، التى عبر فيها عن موضوعات فلسـفية عامة فى ارتباطها بواقعها الاجتماعى ، والتي اســتطاع خـلالهاأن يـرصـد أسـلوب ومحتوى وســرعة التغـيـر في المجتمع المصرى المعـاصر.
ومن هذا المنطلق، يعتبر دراسة التصوف فى علاقته  بالتغير الاجتماعى كما انعكس فى أدب محفوظ ، وإخضاعه للبحث والاستقصاء العلمى فى المجال التربوى ، ضرورة تحتمها واقع المجتمع ومتغيراته هذا ما حاولت  الدراسة رصده.
   ويؤكد محفوظ أنه ليس متصوفا وإنما عاشقا للتصوف ، إذ يرى أن هناك فـارقا بين الحــالتين ، وهو فـارق يتحـدد بالحـد الفـاصـل بين الـواقـع والخـيال ، بـيـن الـقـضايا الاجتماعية الملحة وبين القضايا الذهنية المجـردة . ولذلك عـبـر عن الفكرة الصوفـية كتجربة إنسـانية وسـلوك وممارسة حياتية بين البشر،لا مجرد عبارات لفظية مجـردة.وبذلك اتفق مع الغزالى فى رفض تصوف أهل الحلول والاتحاد ولم يقبل إلا التصوف السنى القائم على الكتاب والسنة واجتهد فى أن يستدل على كل فكرة أو خلق أو سلوك أوحال بالقرآن والحديث والأثر ، كما حاول أن يخفف من غلواء فهمهم للتوكل والزهد. كما اتفق مع ماأشار إليه أبو بكر الكتانى بقوله أن " التصوف خلق فمن زاد عليك فى الخلق فقد زاد عليك فى الصفاء" .
ولذلك فإن كل من يدرس أدب نجيب محـفوظ دراسـة منصفة واعـية يلاحظ أن محـفوظ فـى أدبـه إنما يـدعـو إلـى قـيـم ومـبادئ جـوهـرية هـى نـفسـها المبـادئ والقيـم الجوهرية التى تستند إليها الشريعة الإسلامية مثل تحـرير الـوطن ، العـدالة الاجتماعية ، الحـرية، العـلم ،المعـرفة ،الإيـمان بالقـضاء والقـدر....الخ.  إذ أن البحـث عن القيـم الإنسـانية فـى رأيه إنـما يمثـل الحقيقة  فى هذا الوجود اللانهائى الذى يحتاج إلى  (الوعى) لا (التغييب)، وبذلك يرفض محفوظ  التصوف الـذى يقيد العـقول ويلغـى الملكات، بـل الـذى يهتم بـقضايا المجتمع ويتصدى لمشكلاته، أى أن موقفه يمثل وعيا يحمل فـى الأساس موقـفا نقـديا .
 بل أنه اقتدى فى ذلك بماتمسك به الصحابة من مثاليات روحـية فى الإسـلام، وفى الاقتفاء بأثـرالرســول عليه السلام وأتباع سنته.إذحـقـق أبـوبكـرالصديق إمـتـزاجا قـويا بين الظاهر  والباطن،ولذاكان متصوفا عالما ببواطن الأمور ودقائقها،أما عمر فقد جسد نموذجا للكمال الباطنى بورعه وزهـده وقـوته فى الحـق،بينما جـمع عـلى بين العمل والفكـر والتأمل،وبذلك يعـتـبـر منـبعا للمدارس الفـقهـية والصوفية .

 مقابلة نادرة مع نجيب محفوظ

Rare interview with Naguib Mahfouz


للإطلاع على دورية نجيب محفوظ يمكن الدخول على الرابط التالى :



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق