لقد أصبحت البيانات، والمعلومات تمتلك قيمة اقتصادية في ظل التوظيف المتشعب لتقنيات المعلوماتية في نسيج الإنترنت، وأصبحت المعرفة تمثل عنصرًا اقتصاديًّا بالغ الأهمية باعتباره مظهرًا جليًا لاقتصاد المعرفة.
لذا يمكن أن نعد مسألة البعد الاقتصادي الذي تمتلكه اللغة التي ننطق بها من المسائل المهمة التي ينبغي أن تستأثر باهتمامنا، وتتطلب منا المزيد من الدراسات، وعمليات الاستقصاء لتحديد معالم اقتصاد جديد يُعنى بتحديد القيمة الاقتصادية للسلع غير المادية Intangible Goods.
ولا تستمد الكلمات المستخدمة في الخطاب معانيها من نطقها، والدلالات اللغوية التي تمتلكها فحسب، ولكن تستمدها من الأغراض التي تؤديها في نقل المضامين غير المادية وتحويلها إلى أداة معرفية تعد مرتكزًا لأنماط متعددة من عمليات الإنتاج التي تؤثر على مستوى القيمة بالمعايير الاقتصادية .
وعلى هذا الأساس فالكلمات -شأنها شأن العملات النقدية- لا تستمد قيمتها ودلالتها الاقتصادية إلا من خلال طبيعة الاستعمالات المتاحة لها لدى من يوظفونها لتلبية احتياجاتهم في بيئة اقتصادية بذاتها. لذا بات لزامًا علينا أن نقتنع جميعًا بوجود توازٍ مفاهيمي بين اللغة والاقتصاد ينبني على حقيقة كون كل منهما أداة للتبادل، وتنفيذ جملة من النشاطات والمهام على ساحة التداول البشري اليومي. فاستعمال كلمات خالية من المحتوى المفاهيمي مع التظاهر بأنها ذات مفهوم، يشبه زيادة مقدار النقود المتداولة مع عدم وجود أي زيادة في الإنتاج الإجمالي للمجتمع، أي مجموع القيم المتكونة بشكل جماعي. وكلا الأمرين يعد إساءة في الاستخدام، ويعرض صلاحية النظام المرتكز إليها للخطر .
وكما أن قيمة النقود تتجاوز بكثير وظيفتها باعتبارها أداة لتبادل السلع الاقتصادية، كذلك فإن الكلمات المستخدمة بجميع مستويات خطابنا اللغوي تمتلك بعدًا ماديًا له انعكاسات ملموسة على البيئة الاقتصادية في المجتمع العولمي المعاصر.
فقد أظهرت إحدى الدراسات في سويسرا " ، أن تُـراث سويسرا المُتميِّـز بِلُغاته المُتعَدِّدة، يمنحها مِـيزة تنافسية بقيمة 46 مليار فرنك سويسري، أي ما يُعادل (38.15 مليار دولار أمريكي)، وهي مُساوية لِـما يُعادل 9% من الناتج الإجمالي المحلي.ووِفقاً لبحثٍ قامت به جامعة جنيف حول دور اللّـغات في الاقتصاد، فإن هذه هي المرّة الأولى التي تُحسَـب فيهاالقيمة الاقتصادية للمَـهارات اللُّـغوية لهذا البلد.وتتميّـز سويسرا بوجود أربع لغات وطنية فيها تشمل اللغة الألمانية،وهي أكثر اللّـغات انتشاراً، تليها اللغة الفرنسية ثم الإيطالية والرومانش، وهي لُغة قديمة تمتدّ جذورها إلى اللغة اللاتينية وتبلغ نسبة المُتحدثين بها 0.5% فقط من السكان.
للمزيد :