مع مطلع الالفية الثالثة ظهر ما يعرف بمدن المعرفة knowledge Cities ، واصبح هناك عدة تجارب عالمية في عدد محدود من المدن في دول امريكا الشمالية وآسيا واوروبا.
وللوهلة الاولى يظن البعض ان مصطلح مدن المعرفة مرتبط بشكل اساسي الى ما وصلنا اليه من تطور في مجال الاتصالات والمعلومات عبر الشبكات الالكترونية وتبادل المعرفة الا ان الامر يتعدى ذلك فمدن المعرفة تهدف لاستثمار واستخدام الموارد المتاحة من التطور التكنولوجي والمعلوماتي بهدف تحسين مستوى المعيشة للمواطنين وتحقيق الرفاهية للمجتمع من خلال تلبية احتياجاته المادية والمعنوية.
ان اقتصاديات المعرفة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة اصبحت ذات اهمية بالغة ولم تعد دربا من دروب الترف او الرفاهية .
اذن ارتبط مفهوم مدن المعرفة بتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وهذا ما تسعى اليه كل الدول وهو من اهم اهداف الالفية الثالثة حيث اصبحت المعرفة من اهم مكونات رأس المال في العصر الحالي. والمختلف في هذا الاطار ان الاهداف التنموية في الماضي كانت ترتبط بما تملكه الدول من عناصر انتاج من ثروات ومقدرات مادية وبشرية الا ان التحدي اليوم في تحقيق التنمية المستدامة يستند الى المعرفة وما تضعه الدول من استثمار في اقتصاد المعرفة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. فتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال مدن المعرفة يربط تطوير البنية التحتية بالتطور النوعي بالنواحي الثقافية والتعليمية، فلا بد من الاهتمام بالتعليم النوعي على كافة المستويات المدرسية والجامعية وتوفير المراكز العلمية والبحثية والاستفادة من انظمة الاتصالات والمعلومات في تطوير عملية التعليم الذي يعتبر اهم عنصر في تطوير رأس المال البشري.
ان المفهوم التقليدي لتحقيق التنمية الاقتصادية يهدف بشكل اساسي الى تحسين مرافق البنية التحتية من خدمات مياه وكهرباء وطرق ومواصلات واتصالات وغيرها الا ان هذا المفهوم قد تغير في اطار مدن المعرفة ليشمل مجالات اخرى من مرافق ثقافية وتعليمية كالمكتبات والمتاحف والمراكز المجتمعية والرياضية والمؤسسات التعليمية الاخرى. والجانب بلإضافة إلى الجانب البيئي .
ان الوصول الى هدف مدن المعرفة ليس بالمهمة السهلة فالمعرفة بشكل اساسي يجب ان تكون متاحة للجميع وبشكل عادل ومجاني حتى نستطيع استثمار المعرفة والتطور في تقنيات الاتصالات والمعلومات لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وفي رأي الخبراء " ان مدينة المعرفة هي المدينة التي تستهدف التنمية القائمة على المعرفة عن طريق تشجيع الإبداع والتشاركية والتقييم والتجديد والتحديث المستمر للمعرفة".فى إطار اقتصاد اقليمى تنافسى تحركه الصادرات عالية القيمة المضافة التى تستند على الحبث العلمى والتقنية وقوة العقل . ومن أهم التعاريف لمدن المعرفة ماأورده "إرجازاكيس" أنها المدينة التى تستهدف التنمية القائمة على المعرفة ، ويمكن لذلك أن يتحقق عبر التفاعل المستمر بين مواطنى المدينة ، وبينهم وبين مواطنى المدن الأخرى ، حيث تؤدى ثقافة تشارك المعرفة وكذلك التصميم الملائم للمدينة وشبكات تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية لها إلى دعم هذه التفاعلات "
للمزيد :