الاثنين، 18 يونيو 2018

التوحد الإفراضى



يمثل العالم الافتراضي بيئة ثنائية أو ثلاثية الأبعاد يقوم فيها المستخدمون بتجسيد شخصيات افتراضية تتواصل فيما بينها ضمن منظومة قواعد وقوانين تحكم هذا العالم. وتمثل كلمة " افتراضية " توصيفا لهذا العالم غير الواقعي، حيث يمتزج فيه الواقع والخيال بشكل عميق.
‏وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي أيضا كأحد هذه «العوالم الافتراضية»، وقد أظهرت بعض الدراسات الأميركية الحديثة أن تزايد عدد الساعات التي يقضيها الشخص في هذه العوالم الافتراضية بأنواعها المختلفة تؤثر على سلوكه الاجتماعي وقدرته على التفاعل ‏والتواصل مع الآخرين بشكل سلبي للغاية.
وقد أجريت العديد من الدراسات حول تأثيرات العولمة الافتراضية على السلوك عند الأطفال والمراهقين، منها :

- دراسة أميركية قامت بها جامعة صن شاين ، وقد خلصت نتاجها إلى ظهور أعراض مثل ضعف القدرة على قراءة المشاعر وتكوين الصداقات عند الأطفال والمراهقين مرتبطة بالاستخدام المتزايد للعالم الافتراضي في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما سماه المتخصصون في بعض الدول ‏الأوروبية مثل فرنسا ورومانيا بالتوحد الافتراضي ، حيث تضعف صلة الأطفال والمراهقين بواقعية التفاعل الاجتماعي وتعلم المهارات الاجتماعية والتواصلية الأساسية، وهو ما يتماثل مع نمط أعراض اضطراب طيف التوحد .
- دراسة أسترالية أثبت أيضا ضعف القدرة على التعرف على مشاعر وقراءة تعبيرات الوجه عند مستخدمي التطبيقات الرقمية بكثافة مقارنة بالمستخدمين الأقل عددا من هذه التطبيقات أو غير المستخدمين لها على الإطلاق، وهو ما قد يتطور في المستقبل إلى اضطراب ضعف القدرة على فهم المشاعر والتعبير عنها مثل عدم القدرة ‏على إدراك الكذب في الحديث أو ضعف القدرة على تقبل الاختلاف في وجهات النظر والتعبير عن وجهة النظر بطريقة وكلمات غير لائقة.
- أشارت الإحصاءات إلى أن معدلات التشخيص باضطراب طيف التوحد قد ارتفع بشكل كبير في العقود الأخيرة،من طفل واحد ‏من كل 5000 طفل عام 1975 إلى حالة واحدة من كل 500 طفل إلى أن وصلت المعدلات مؤخرا وتحديدا في عام 2014 إلى حد تشخيص حالة واحدة من كل 68 طفلا، وفقا لما نشر في مراكز CDC.
إلى أن بلغ معدل التشخيص إلى حالة من كل 45، ‏وهو ما يعني أن معدلات الإصابة في الولايات المتحدة قد ارتفعت إلى 100 ضعف معدلات تشخيص حالات اضطراب طيف التوحد مقارنة مع إحصائيات عام 1975.

وتنصح الجمعية الأميركية والعديد من الجمعيات العلمية الدولية بضرورة إعطاء الأطفال الفرصة لممارسة الحياة الطبيعية وما تتضمنه من تفاعلات مع الأقران والأهل لإكسابهم المهارات الأساسية للتفاعل الاجتماعي واللغوي بدلا من حصر خبراتهم مع شاشات تقدم لهم «عالما اصطناعيا» يفتقر لمقومات الحياة الطبيعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق